* قوله: " على الفطرة ": قيل: المراد بها: الإقرار الذي كان يوم الميثاق، [ ص: 77 ] وقيل: المراد: سلامة الطبع، وخلو الذهن عما يبعده عن قبول ملة الإسلام من الشبه الصارفة، أو التقليد المانع عن قبول الحق على ما هو المعتاد الغالب، وذلك لأنه بخلوه عن تلك الصوارف، صار كأنه جعل على الملة، وطبع عليها، كأن الملة لسلامتها يسارع الذهن إلى قبولها إذا لم يكن عن القبول مانع، ولعل هذا على المعتاد الغالب، أو المقصود: بيان حال أمته، لا بيان من سبق، فلا يشكل بالغلام الذي قتله الخضر، فقد ثبت أنه طبع كافرا .
* " فأبواه يهودانه ": أي: إن تهود. والحاصل: أنه إن انتقل إلى دين آخر، فبواسطة غيره، وإلا، فقد ثبت على مقتضى الفطرة، وهو ظاهر، والمراد بقوله: "فأبواه "; أي: مثلا، أو المراد بهما: هما، أو من يقوم مقامهما ممن يقلده الولد، ويتبعه من شياطين الإنس والجن، فلا يشكل بأول كافر من الإنس; إذ لم يتصور أن يكون كفره باتباع الآباء، وكذا بكفر كثير وارتدادهم ممن يكون كفره بلا مدخلية الآباء، والفاء في قوله: "فأبواه " للتعقيب، ولا حاجة إلى جعلها للسببية بتكلف .
* " كلما تنتج ": على بناء المفعول، يقال: فلان نتج الناقة ولدا على التعدية إلى المفعولين: إذا تولى نتاجها حتى وضعت، والناتج للبهائم كالقابلة للنساء، فالبهيمة - بالرفع - على نيابة الفاعل، وبهيمة - بالنصب - على المفعولية، وقوله: " كما تنتج " صفة لمصدر محذوف؟ أي: يولد على الفطرة ولادة مثل ولادة البهيمة بهيمة، ويحتمل أن يكون خبرا لمحذوف; أي: وذلك كما تنتج; أي: ولادته على الفطرة كما تنتج، و"ما" في "كما" مصدرية على التقديرين .
* " بهيمة ": قد جاء: "بهيمة جمعاء"، وكأنه ترك; لأن قوله: "هل تحسون فيها من جدعاء" مغن عنه; فإنه صفة لبهيمة بتقدير: مقولا فيها: "هل تحسون "؟ أي: تدركون وتجدون فيها; أي: في نوعها، وهي المولودة أول ما تولد .
* " من جدعاء ": أي: مقطوعة الأذن على معنى: أن من ينظر في نوع تلك [ ص: 78 ] المولودة، يقول ذلك إنكارا لوجود جدعاء في ذلك النوع، وهذا يدل على سلامتها، فتغني عن توصيفها بجمعاء، وتقدير النوع مبني على أن الجدعاء هي التي قطعت أذنها كما قالوا، وإن قلنا: إن المراد به: الأذن المقطوعة، لم يحتج إلى تقدير .
* وقوله: " تحسون ": من أحس: إذا أدرك بالحس، والله تعالى أعلم .