صفحة جزء
6 - وقد حكي هذا القول الذي ذكرناه في بير بضاعة عن الواقدي . حدثنيه أبو جعفر أحمد بن أبي عمران عن أبي عبد الله محمد بن شجاع الثلجي عن الواقدي : أنها كانت كذلك .

وكان من الحجة في ذلك أيضا أنهم قد أجمعوا أن النجاسة إذا وقعت في البير فغلبت على طعم مائها أو ريحه أو لونه ، أن ماءها قد فسد .

وليس في حديث بير بضاعة من هذا شيء إنما فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن بير بضاعة فقيل له : إنه يلقى فيها الكلاب والمحائض فقال : ( إن الماء لا ينجسه شيء ) .

ونحن نعلم أن بيرا لو سقط فيها ما هو أقل من ذلك لكان محالا أن لا يتغير ريح مائها وطعمه ، هذا مما يعقل ويعلم .

فلما كان ذلك كذلك وقد أباح لهم النبي صلى الله عليه وسلم ماءها وأجمعوا أن ذلك لم يكن وقد داخل الماء التغيير من جهة من الجهات اللاتي ذكرنا ؛ استحال عندنا - والله أعلم - أن يكون سؤالهم النبي صلى الله عليه وسلم عن مائها وجوابه إياهم في ذلك بما أجابهم ، كان والنجاسة في البير .

[ ص: 13 ] ولكنه - والله أعلم - كان بعد أن أخرجت النجاسة من البير ، فسألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك : هل تطهر بإخراج النجاسة منها فلا ينجس ماؤها الذي يطرأ عليها بعد ذلك ؟ وذلك موضع مشكل لأن حيطان البير لم تغسل وطينها لم يخرج ، فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم : " إن الماء لا ينجس " يريد بذلك الماء الذي طرأ عليها بعد إخراج النجاسة منها لا أن الماء لا ينجس إذا خالطته النجاسة ، وقد رأيناه صلى الله عليه وسلم قال : " المؤمن لا ينجس " .

التالي السابق


الخدمات العلمية