[ ص: 363 ] قتال أهل البغي باب
من يجب قتاله من أهل البغي والسيرة فيهم .
( قال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ) رحمه الله قال الله تعالى {
وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين } فأمر الله تعالى جده أن يصلح بينهم بالعدل ولم يذكر تباعة في دم ولا مال ، وإنما ذكر الصلح آخرا كما ذكر الإصلاح بينهم أولا قبل الإذن بقتالهم ; فأشبه هذا أن تكون التبعات في الدماء والجراح وما تلف من الأموال ساقطة بينهم ، وكما قال
nindex.php?page=showalam&ids=12300ابن شهاب عندنا قد كانت في تلك الفتنة دماء يعرف في بعضها القاتل والمقتول وأتلفت فيها أموال ثم صار الناس إلى أن سكنت الحرب بينهم وجرى الحكم عليهم فما علمته اقتص من أحد ولا أغرم مالا أتلفه .
( قال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ) رحمه الله : وما علمت الناس اختلفوا في أن ما حووا في البغي من مال فوجد بعينه أن صاحبه أحق به .
( قال ) وأهل الردة بعد النبي صلى الله عليه وسلم ضربان فمنهم قوم كفروا بعد إسلامهم مثل
طليحة ومسيلمة والعنسي وأصحابهم ومنهم قوم تمسكوا بالإسلام ومنعوا الصدقات ولهم لسان عربي والردة ارتداد عما كانوا عليه بالكفر وارتداد بمنع حق كانوا عليه ، وقول
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر لأبي بكر رضي الله عنهما أليس قد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=2081أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا : لا إله إلا الله ، فإذا قالوها فقد عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله ؟ } وقول
nindex.php?page=showalam&ids=1أبي بكر هذا من حقها لو منعوني عناقا مما أعطوه النبي صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم عليها معرفة منهما معا أن ممن قاتلوا من تمسك بالإسلام ولولا ذلك لما شك
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر في قتالهم ولقال
nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر قد تركوا لا إله إلا الله فصاروا مشركين وذلك بين في مخاطبتهم جيوش
أبي بكر وأشعار من قال الشعر منهم فقال شاعرهم :
ألا أصبحينا قبل نائرة الفجر لعل منايانا قريب وما ندري أطعنا رسول الله ما كان بيننا
فيا عجبا ما بال ملك أبي بكر فإن الذي سألوكم فمنعتم
لكالتمر أو أحلى إليهم من التمر سنمنعهم ما كان فينا بقية
كرام على العزاء في ساعة العسر
. وقالوا
لأبي بكر رضي الله عنه بعد الإسار : ما كفرنا بعد إيماننا ولكنا شححنا على أموالنا فسار إليهم
nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر بنفسه حتى لقي أخا
بني بدر الفزاري فقاتله ومعه
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر وعامة أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ثم أمضى
nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر رضي الله عنه
nindex.php?page=showalam&ids=22خالدا في قتال من ارتد ومنع الزكاة فقاتلهم بعوام من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم .
( قال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ) رحمه الله ففي هذا دلالة على أن من
منع حقا مما فرض الله عليه فلم يقدر الإمام على أخذه بامتناعه قاتله ، وإن أتى القتال على نفسه وفي هذا المعنى كل حق لرجل على رجل فمنعه بجماعة وقال : لا أؤدي ولا أبدؤكم بقتال قوتل ، وكذا قال : من منع الصدقة ممن نسب إلى الردة فإذا لم يختلف أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في قتالهم بمنع الزكاة فالباغي الذي يقاتل الإمام العادل في مثل معناهم في أنه لا يعطي الإمام العادل حقا يجب عليه ويمتنع من حكمه ويزيد على مانع الصدقة أن يريد أن يحكم هو على الإمام العادل ، ولو أن
نفرا يسيرا قليلي العدد ويعرف أن مثلهم لا يمتنع إذا أريدوا فأظهروا آراءهم ونابذوا الإمام العادل وقالوا : نمتنع من الحكم فأصابوا أموالا ودماء وحددوا [ ص: 364 ] في هذه الحال متأولين ثم ظهر عليهم أقيمت عليهم الحدود وأخذت منهم الحقوق كما تؤخذ من غير المتأولين وإذا
كانت لأهل البغي جماعة تكبر ويمتنع مثلها بموضعها الذي هي به بعض الامتناع حتى يعرف أن مثلها لا ينال إلا حتى تكثر نكايته واعتقدت ونصبت إماما وأظهرت حكما وامتنعت من حكم الإمام العادل فهذه الفئة الباغية التي تفارق حكم من ذكرنا قبلها .
فإن فعلوا مثل هذا فينبغي أن يسألوا ما نقموا فإن ذكروا مظلمة بينة ردت وإن لم يذكروها بينة قيل : عودوا لما فارقتم من طاعة الإمام العادل وأن تكون كلمتكم وكلمة أهل دين الله على المشركين واحدة وأن لا تمتنعوا من الحكم فإن فعلوا قبل منهم وإن امتنعوا قيل : إنا مؤذنوكم بحرب ، فإن لم يجيبوا قوتلوا ولا يقاتلوا حتى يدعوا ويناظروا إلا أن يمتنعوا من المناظرة فيقاتلوا حتى يفيئوا إلى أمر الله .
( قال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ) والفيئة الرجوع عن القتال بالهزيمة أو الترك للقتال أي حال تركوا فيها القتال فقد فاءوا وحرم قتالهم ; لأنه أمر أن يقاتل وإنما يقاتل من يقاتل فإذا لم يقاتل حرم بالإسلام أن يقاتل فأما من لم يقاتل فإنما يقال : اقتلوه لا قاتلوه .
نادى منادي
nindex.php?page=showalam&ids=8علي رضي الله عنه يوم الجمل ألا لا يتبع مدبر ولا يذفف على جريح وأتى
nindex.php?page=showalam&ids=8علي رضي الله عنه يوم
صفين بأسير فقال له
nindex.php?page=showalam&ids=8علي لا أقتلك صبرا إني أخاف الله رب العالمين فخلى سبيله والحرب يوم صفين قائمة
nindex.php?page=showalam&ids=33ومعاوية يقاتل جادا في أيامه كلها منتصفا أو مستعليا فبهذا كله أقول ، وأما إذا لم تكن جماعة ممتنعة فحكمه القصاص قتل
ابن ملجم nindex.php?page=showalam&ids=8عليا متأولا فأمر بحبسه ، وقال لولده : إن قتلتم فلا تمثلوا ورأى عليه القتل وقتله
الحسن بن علي رضي الله عنه وفي الناس بقية من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فما أنكر قتله ولا عابه أحد ولم يقد
nindex.php?page=showalam&ids=8علي - وقد ولي قتال المتأولين - ولا
أبو بكر من قتله الجماعة الممتنع مثلها على التأويل على ما وصفنا ولا على الكفر وإن كان بارتداد إذا تابوا قد قتل
طليحة nindex.php?page=showalam&ids=5735عكاشة بن محصن وثابت بن أقرم ثم أسلم فلم يضمن عقلا ولا قودا فأما
جماعة ممتنعة غير متأولين قتلت وأخذت المال فحكمهم حكم قطاع الطريق .
( قال
nindex.php?page=showalam&ids=15215المزني ) رحمه الله هذا خلاف قوله في قتال أهل الردة ; لأنه ألزمهم هناك ما وضع عنهم ههنا وهذا أشبه عندي بالقياس .
( قال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ) رحمه الله : ولو أن
قوما أظهروا رأي الخوارج وتجنبوا الجماعات وأكفروهم لم يحل بذلك قتالهم . بلغنا أن
nindex.php?page=showalam&ids=8عليا رضي الله عنه سمع رجلا يقول : لا حكم إلا لله في ناحية المسجد ، فقال
nindex.php?page=showalam&ids=8علي رضي الله عنه : كلمة حق أريد بها باطل لكم علينا ثلاث لا نمنعكم مساجد الله أن تذكروا فيها اسم الله ولا نمنعكم الفيء ما دامت أيديكم مع أيدينا ولا نبدؤكم بقتال .
( قال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ) رحمه الله : ولو
قتلوا واليهم أو غيره قبل أن ينصبوا إماما أو يظهروا حكما مخالفا لحكم الإمام كان عليهم في ذلك القصاص قد سلموا وأطاعوا واليا عليهم من قبل
nindex.php?page=showalam&ids=8علي ثم قتلوه فأرسل إليهم
nindex.php?page=showalam&ids=8علي رضي الله عنه أن ادفعوا إلينا قاتله نقتله به ، قالوا : كلنا قتله ، قال : فاستسلموا نحكم عليكم قالوا : لا ، فسار إليهم فقاتلهم فأصاب أكثرهم .
( قال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ) رحمه الله : وإذا قاتلت امرأة منهم أو عبد أو غلام مراهق قوتلوا مقبلين وتركوا مولين ; لأنهم منهم ويختلفون في الإسار ، ولو أسر بالغ من الرجال الأحرار فحبس ليبايع رجوت أن يسع ولا يسع أن يحبس مملوك ولا غير بالغ من الأحرار ولا امرأة لتبايع ، وإنما يبايع النساء على الإسلام فأما على الطاعة فهن لا جهاد عليهن فأما إذا انقضت الحرب فلا يحبس أسيرهم وإن سألوا أن ينظروا لم أر بأسا على ما يرجو الإمام منهم وإن خاف على الفئة العادلة الضعف عنهم رأيت تأخيرهم إلى أن تمكنه القوة عليهم .