(الثانية) [ ص: 225 ] قوله لا يقرونا بفتح الياء يقال قرى الضيف قرى بكسر القاف مقصور وقراء بفتح القاف ممدود .
(الثالثة) ظاهره أن قرى الضيف واجب بحيث لو امتنع من فعله أخذت الضيافة من الممتنع قهرا ، وقد حكي القول بظاهره عن nindex.php?page=showalam&ids=15124الليث بن سعد وقال nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل بوجوبه على أهل البادية دون أهل القرى ومذهب nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي والجمهور أنها سنة متأكدة ولا يصل أمرها إلى الوجوب ولا إلى أخذها من الممتنع منها قهرا وأجابوا عن هذا الحديث بأجوبة :
(أحدها) أنه محمول على المضطرين فإن ضيافتهم واجبة فإذا لم يضيفوهم فلهم أن يأخذوا حاجتهم من مال الممتنعين وهل هو بعوض أو بغير عوض ، ذهب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي إلى الأول وحكي الثاني عن طائفة من أهل الحديث .
ذكر هذا الجواب nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي وغيره وحكي أن الذاهبين إلى أنه بغير عوض احتجوا بأن nindex.php?page=showalam&ids=1أبا بكر الصديق رضي الله عنه جلب لرسول الله صلى الله عليه وسلم لبنا من غنم لرجل من قريش له فيها عبد يرعاها وصاحبها غائب وشربه رسول الله صلى الله عليه وسلم وذلك في مخرجه من مكة إلى المدينة .
قال واحتجوا أيضا بحديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال nindex.php?page=hadith&LINKID=678805من دخل حائطا فليأكل منه ولا يتخذ خبنة ، وعن nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن أنه قال (إذا مر الرجل بالإبل ، وهو عطشان صاح برب الإبل ثلاثا فإن أجابه وإلا حلب وشرب) .
(الثاني) أن المراد أن لكم أن تأخذوا من أعراضهم بألسنتكم وتذكروا للناس لؤمهم وبخلهم والعتب عليهم وذمهم حكاه nindex.php?page=showalam&ids=15140المازري عن الشيخ أبي الحسن قال ولعله أراد حمل الحديث على ما يعم لأن ما قلناه أي من الجواب الأول يخص قال ولكنه مع خصوصيته أرجح من جهة أن العتب واللوم والذم عند الناس ندب الشرع إلى تركه لا إلى فعله .
(الثالث) أن هذا كان في أول الإسلام وكانت المواساة واجبة فلما اتسع الإسلام نسخ ذلك بقوله عليه الصلاة والسلام جائزته يوم وليلة .
قالوا والجائزة تفضل وليست بواجبة حكاه nindex.php?page=showalam&ids=12997ابن بطال عن أكثر العلماء وقال النووي بعد ذكره عن حكاية nindex.php?page=showalam&ids=14961القاضي عياض له : وهو تأويل ضعيف أو باطل لأن هذا الذي ادعاه قائله لا يعرف .
[ ص: 226 ] الرابع) أن هذا الحديث ورد في العمال المبعوثين من جهة الإمام بدليل قوله إنك تبعثنا فكان على المبعوث إليهم طعامهم ومركبهم وسكناهم يأخذونه عن العمل الذي يتولونه لأنه لا مقام لهم إلا بإقامة هذه الحقوق ، وذكره nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي وقال إنما يلزم ذلك لمن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبعثهم في زمانه وليس إذ ذاك للمسلمين بين مال فأما اليوم فأرزاقهم في بيت المال لا حق لهم في أموال المسلمين قال وإلى نحو ذلك منه ذهب nindex.php?page=showalam&ids=14954أبو يوسف في الضيافة على أهل نجران فزعم أنها كانت خاصة .
(الخامس) أنه محمول على من مر من أهل المدينة [ على ] الذين شرط عليهم ضيافة من يمر بهم من المسلمين قال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي ، وقد كان nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه حين ضرب الجزية على نصارى الشام جعل عليهم الضيافة لمن نزل بهم فإذا شرطت على قوم من أهل الذمة مع الجزية فمنعوها كان للضيف أن يأخذ حقه من عرض أموالهم قال النووي وهذا أيضا ضعيف إنما صار هذا في زمن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه أي فكيف يحمل الحديث عليه .
(السادس) بوب عليه nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي في جامعه ما يحل من أموال أهل الذمة ، ثم قال إنما معنى الحديث أنهم كانوا يخرجون في الغزو فيمرون بقوم ولا يجدون من الطعام ما يشترون بالثمن فقال النبي صلى الله عليه وسلم " إن أبوا أن يبيعوا إلا أن تأخذوا كرها فخذوا " .
هكذا روي في بعض الحديث مفسرا (وقد روي عن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه كان يأمر بنحو هذا انتهى) .
وتبويبه قد يوافق الجواب الخامس ولكن ما شرح به الحديث يقتضي حمله على من امتنع من بيع للمحتاج ، وإن لم يصل به الحال للضرورة فإن كان مضطرا فهو الجواب الأول والله أعلم .
(الرابعة) استدل به nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري رحمه الله على مسألة الظفر وأن الإنسان إذا كان له على غيره حق فمنعه إياه وجحده كان له أن يأخذ ما قدر عليه من ماله في مقابلة ما منعه من حقه فبوب عليه (باب قصاص المظلوم إذا وجد مال ظالمه ) وحكي عن nindex.php?page=showalam&ids=16972ابن سيرين أنه قال يقاصه وقرأ وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به وبهذا قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي فجزم بالأخذ فيما إذا لم يمكن تحصيل الحق بالقاضي بأن يكون منكرا ولا بينة لصاحب الحق قال ولا يأخذ غير الجنس مع ظفره بالجنس فإن لم يجد إلا غير [ ص: 227 ] الجنس جاز الأخذ ، وإن أمكن تحصيل الحق بالقاضي بأن كان مقرا مماطلا أو منكرا عليه بينة أو كان يرجو إقراره لو حضر عند القاضي وعرض عليه اليمين فهل يستقل بالأخذ أو يجب الرفع إلى القاضي ؟ فيه للشافعية وجهان أصحهما عند أكثرهم جواز الأخذ وقال nindex.php?page=showalam&ids=12997ابن بطال اختلف قول nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك في ذلك فروى ابن القاسم عنه أنه لا يفعل وروي عنه الأخذ إذا لم يكن فيه زيادة وروى nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب عنه أنه إذا لم يكن على الجاحد دين فله الأخذ ، وإن كان عليه دين فليس له أن يأخذ إلا بقدر ما يكون فيه أسوة بالغرماء وقال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة يأخذ من الذهب الذهب ومن الفضة الفضة ومن المكيل المكيل ومن الموزون الموزون ولا يأخذ غير ذلك وقال nindex.php?page=showalam&ids=15922زفر .
له أن يأخذ العوض بالقيمة ، قال nindex.php?page=showalam&ids=12997ابن بطال وأولى الأقوال بالصواب قول من أجاز بدلالة الآية وحديث هند ألا ترى أن النبي صلى الله عليه وسلم أجاز لها أن تطعم عائلة زوجها من ماله بالمعروف عوضا عما قصر في إطعامهم فدخل في معنى ذلك كل من وجب عليه حق لم يوفه أو جحده فيجوز له الاقتصاص منه انتهى .