(باب مواقيت الصلاة) عن سعيد عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا اشتد الحر فأبردوا عن الصلاة ، فإن شدة الحر من فيح جهنم .
[ ص: 151 ] وعن nindex.php?page=showalam&ids=13723الأعرج عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة مثله وعن nindex.php?page=showalam&ids=17257همام عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أبردوا عن الحر في الصلاة فذكره ، فيه فوائد :
(الأولى) فيه استحباب الإبراد بصلاة الظهر في شدة الحر وهو تأخيرها إلى أن يبرد الوقت وينكسر وهج الحر ، وبه قال الأئمة الأربعة وجمهور العلماء من السلف ، والخلف لكن أكثر المالكية على اختصاص الإبراد بالجماعة .
فأما المنفرد فتقديم الصلاة في حقه أفضل ، وكذا قال nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم الظاهري : إنه يختص الإبراد بالجماعة وحكى ابن القاسم عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك أن الظهر تصلى إذا فاء الفيء ذراعا في الشتاء ، والصيف للجماعة ، والمنفرد على ما كتب به nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب إلى عماله وقال ابن عبد الحكم وغيره معنى كتاب nindex.php?page=showalam&ids=2عمر مساجد الجماعة فأما المنفرد فأول الوقت أولى به .
قال nindex.php?page=showalam&ids=13331ابن عبد البر وإلى هذا مال الفقهاء المالكيون من البغداديين ولم يلتفتوا إلى رواية ابن القاسم انتهى .
(الأول) أن يكون في بلد حار وقال nindex.php?page=showalam&ids=14048الشيخ أبو محمد الجويني وغيره يستحب في البلاد المعتدلة ، والباردة أيضا إذا اشتد الحر .
(الثاني) أن تصلى في جماعة فلو صلى منفردا فتقديم الصلاة له أفضل .
(الثالث) أن يقصد الناس الجماعة من بعد فلو كانوا مجتمعين في موضع صلوا في أول الوقت .
(الرابع) أن لا يجدوا كنا يمشون تحته يقيهم الحر ، فإن اختل شرط من هذه الشروط فالتقديم أفضل وقال الشيخ موفق الدين بن قدامة في المغني : ظاهر كلام nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد استحباب الإبراد بها على كل حال قال nindex.php?page=showalam&ids=13665الأثرم : وهذا على مذهب أبي عبد الله سواء يستحب تعجيلها في الشتاء ، والإبراد بها في الحر ، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=12418إسحاق وأصحاب الرأي nindex.php?page=showalam&ids=12918وابن المنذر لظاهر قوله : إذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة ، وهذا عام .
وقال القاضي : إنما يستحب الإبراد بثلاث شرائط شدة الحر ، وأن يكون في البلدان الحارة ومساجد [ ص: 152 ] الجماعات فأما من صلاها في بيته أو في مسجد بفناء بيته فالأفضل تعجيلها وقال القاضي في الجامع لا فرق بين البلدان الحارة وغيرها ولا بين كون المسجد ينتابه الناس أو لا ، فإن nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد كان يؤخرها في مسجده ولم يكن بهذه الصفة ، والأخذ بظاهر الخبر أولى انتهى .
وذهبت طائفة إلى عدم استحباب الإبراد مطلقا وحكاه nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر عن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود nindex.php?page=showalam&ids=36وجابر وحكاه nindex.php?page=showalam&ids=12997ابن بطال عنهم وعن nindex.php?page=showalam&ids=1أبي بكر nindex.php?page=showalam&ids=8وعلي .
وحكاه nindex.php?page=showalam&ids=13331ابن عبد البر عن nindex.php?page=showalam&ids=15124الليث بن سعد ، والمشهور عنه موافقة الجمهور .
(الثانية) فاحتج من لم يعتبر في استحباب الإبراد سوى شدة الحر بهذا الحديث وغيره من الأحاديث ، فإنه ليس فيها سوى ذلك واستنبط nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رحمه الله هذه الشروط التي اعتبرها من الحديث وجعله تخصيصا للنص بالمعنى فحكى عنه أنه قال : إن أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالإبراد كان بالمدينة لشدة حر الحجاز ولأنه لم يكن بالمدينة مسجد غير مسجده يومئذ وكان ينتاب من البعد فيتأذون بشدة الحر فأمرهم بالإبراد لما في الوقت من السعة .
والجواب عما قاله nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي أن اجتماعهم في السفر قد يكون أكثر مشقة منه في الحضر ، فإنه يكون كل واحد منهم في خبائه أو مستقرا في ظل شجرة أو صخرة ويؤذيه حر الرمضاء إذا خرج من موضعه وليس هناك ظل يمشون فيه وأيضا فليس هناك خباء كبير يجمعهم فيحتاجون إلى أن يصلوا في الشمس .
والظاهر أيضا أن أخبيتهم كانت قصيرة لا يتمكنون من القيام فيها ، وقد ثبت في الصحيح أنه عليه الصلاة والسلام كان يأمر مناديه في الليلة الباردة أو المطيرة في السفر أن يقول ألا صلوا في الرحال
فلما كان وجود البرد الشديد أو المطر في السفر مرخصا في ترك الجماعة كذلك وجود الحر الشديد في السفر مقتض للإبراد بالظهر وقال [ ص: 153 ] nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إذا اشتد الحر فأبردوا بالظهر .
وبخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم نقول ، وهو على العموم لا سبيل يستثنى من ذلك البعض انتهى .
فهذا هو المنقول عن الصحابة رضي الله تعالى عنهم ولم نجد عنهم أنهم شكوا مشقة المسافة ولا بعد الطريق ويمكن أن تكون العلة في ذلك أنه وقت يفوح فيه حر جهنم ولهيبها ، وهو ظاهر قوله : فإن شدة الحر من فيح جهنم .
وكونها ساعة يفوح فيها لهب جهنم وحرها يقتضي الكف عن الصلاة كما في حديث nindex.php?page=showalam&ids=81عمرو بن عبسة ، فإذا اعتدل النهار فأقصر يعني عن الصلاة ، فإنها ساعة تسجر فيها جهنم .
(الثالثة) والذين لم يستحبوا الإبراد مطلقا أجابوا عن هذا الحديث بأن معناه صلوها في أول الوقت أخذا من برد النهار وهو أوله .
ويبطل هذا قوله : فإن شدة الحر من فيح جهنم ؛ لأن أول وقت الظهر أشد حرا من آخره ، وحديث nindex.php?page=showalam&ids=1584أبي ذر المتقدم في الفائدة قبلها صريح في أن المراد بالإبراد التأخير إلى وقت البرد وقال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي : ومن تأول الحديث على برد النهار فقد خرج من جملة قول الأئمة وتمسك هؤلاء الذين لم يستحبوا الإبراد مطلقا بالأحاديث الدالة على فضيلة أول الوقت وبحديث nindex.php?page=showalam&ids=211خباب nindex.php?page=hadith&LINKID=700989شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حر الرمضاء فلم يشكنا .
والجواب عن أحاديث أول الوقت أنها عامة فنقدم عليها هذا الحديث لخصوصه ، وعن حديث nindex.php?page=showalam&ids=211خباب من أوجه :
(أحدها) أنه إنما لم يجبهم لما سألوا وترك شكواهم ؛ لأنهم أرادوا أن يؤخروا الصلاة بعد الوقت الذي حده [ ص: 154 ] لهم وأمرهم بالإبراد إليه ويزيدوا على الوقت المرخص لهم فيه ومن المعلوم أن حر الرمضاء الذي يسجد لا يزول إلا بعد خروج الوقت كله ذكر nindex.php?page=showalam&ids=15140المازري هذا الجواب وقال : إنه الأشبه يعني أشبه الأجوبة .
(ثانيها) أن هذا الحديث ونحوه من الأحاديث الدالة على التقديم منسوخة بأحاديث الإبراد ؛ لأنها رويت من حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، والمغيرة بن شعبة ونحوهما ممن تأخر إسلامه بخلاف أحاديث التعجيل كحديث nindex.php?page=showalam&ids=211خباب وحديث nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود ويدل لهذا ما رواه nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه nindex.php?page=showalam&ids=13053وابن حبان في صحيحه عن nindex.php?page=showalam&ids=16834قيس بن أبي حازم عن nindex.php?page=showalam&ids=19المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال : كنا نصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الظهر بالهاجرة فقال لنا : أبردوا بالصلاة ، فإن شدة الحر من فيح جهنم ورواه الطحطاوي بلفظ ، ثم قال : أبردوا وأعله nindex.php?page=showalam&ids=11970أبو حاتم بأنه روى عن nindex.php?page=showalam&ids=16834قيس بن أبي حازم عن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب من قوله وذكر الخلال عن الميموني أنهم ذاكروا أبا عبد الله يعني nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل حديث nindex.php?page=showalam&ids=19المغيرة بن شعبة فقال أسانيد جياد ، ثم قال nindex.php?page=showalam&ids=211خباب يقول : nindex.php?page=hadith&LINKID=700989شكونا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فلم يشكنا ، والمغيرة كما ترى روى القصتين جميعا قال : وفي رواية غير الميموني وكان آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم الإبراد وقال nindex.php?page=showalam&ids=13665الأثرم بعد ذكر أحاديث التعجيل ، والإبراد : فأما التي ذكر فيها التعجيل في غير الحر ، فإن الأمر عليها .
(ثالثها) أن الإبراد رخصة وتقديمه صلى الله عليه وسلم الصلاة كان أخذا بالأشق والأولى .
وبهذا قال بعض أصحابنا ونص عليه nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في nindex.php?page=showalam&ids=13920البويطي وصححه أبو علي السنجي لكن الصحيح من مذهبنا أن الإبراد هو الأفضل فلا يمشي عليه هذا الجواب (رابعها) أن معنى قوله : فلم يشكنا لم يحوجنا إلى شكوى بل رخص لنا في الإبراد حكاه للقاضي أبو الفرج المالكي عن nindex.php?page=showalam&ids=15611ثعلب ويرده أن في بعض طرقه فما أشكانا ، وقال : إذا زالت [ ص: 155 ] الشمس فصلوا روى هذه الزيادة nindex.php?page=showalam&ids=15286أبو بكر بن المنذر كما ذكره ابن القطان .
(خامسها) أن الإبراد أفضل وحديث nindex.php?page=showalam&ids=211خباب فيه بيان جواز التعجيل دل عليه كلام nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم ، فإنه ذكر استحباب الإبراد ، ثم قال : وإنما لم نحمل هذا الأمر على الوجوب لحديث nindex.php?page=showalam&ids=211خباب لكن في هذا نظر ؛ لأن ظاهر حديث nindex.php?page=showalam&ids=211خباب المنع من التأخير أو أنه مرجوح بالنسبة إلى التقديم والله أعلم .
(الرابعة) لفظ الصلاة عام بناء على أن المفرد المعرف بالألف ، واللام للعموم فيتناول سائر الصلوات ، وذلك يقتضي تأخير كل منها في شدة الحر ، وبه قال الجمهور في الظهر كما تقدم وقال به nindex.php?page=showalam&ids=12321أشهب وحده في صلاة العصر قال تؤخر ربع القامة وقال به nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل في رواية عنه في صلاة العشاء فرأى تأخيرها في الصيف وتعجيلها في الشتاء وعكس nindex.php?page=showalam&ids=13055ابن حبيب من المالكية فرأى تأخيرها في الشتاء لطول الليل وتعجيلها في الصيف لقصره ، وهو أظهر في المعنى ولا نعلم أحدا قال بالإبراد في المغرب وكأن ذلك لضيق وقتها ولا في الصبح وكأن ذلك ؛ لأن وقتها أبرد الأوقات مطلقا .
فلا معنى للإبراد بها وجواب الجمهور عن ترك القول بالإبراد في العصر ، والعشاء أن المراد بالصلاة هنا صلاة الظهر كما ورد بيانه في بعض طرق الحديث فقال : أبردوا بالظهر رواه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري من حديث nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد وتكون الألف ، واللام في الصلاة للعهد وأيضا فإن أول وقت العصر وأول وقت العشاء لا يكون في الغالب أشد حرا من آخر وقت الظهر ، فإذا فعلت الظهر في آخر وقتها ففعل العصر في أول وقتها ، والعشاء في أول وقتها وهما أقل حرا أولى بذلك وأيضا ، فإنه عليه الصلاة والسلام لم ينقل عنه في خبر الإبراد لا بالعصر ولا بالعشاء بل كان يأتي بكل منهما في أول وقتها صيفا وشتاء ، وأما تأخيره العشاء في بعض الأوقات فهو إما لاجتماع الناس كما ورد بيانه أو لما في تأخيرها من الفضل وليس ذلك لأجل الإبراد ولا فرق فيه بين الصيف ، والشتاء والله أعلم .
والوجه الثاني ، وهو الأصح أنه لا يبرد بها وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد .
والجواب عن قوله : فأبردوا بالصلاة أن المراد بها الظهر كما تقدم وعن وجود العلة المقتضية للإبراد ، وهي شدة الحر أنه ليس النظر لمجرد شدة الحر بل لوجود المشقة في شدة الحر ، والمشقة في الجمعة ليست في التعجيل بل في التأخير ، فإن الناس ندبوا للتبكير لها ، وإذا حضروا كانت راحتهم في إيقاع الصلاة لينصرف كل واحد منهم إلى منزله فيستريح من شدة الحر لا في التأخير ، فإنهم يتضررون بطول الاجتماع في شدة الحر فانعكس الحكم ، وعن الحديث الذي أوردناه من صحيح nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري أنه ليس من نقل الصحابي عن فعل النبي صلى الله عليه وسلم ، وإنما هو من فهم الراوي ؛ ولهذا قال يعني الجمعة ، ولو كان من تتمة كلام nindex.php?page=showalam&ids=9أنس لم يحتج لقوله يعني وإذا لم يكن في المسألة نص وجب مراعاة المعنى وملاحظته ، والمعنى مقتض للتعجيل كما تقدم .
فهذا هو الجاري على قواعد nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رحمه الله في كونه ليست العلة عنده في الإبراد شدة الحر بل المشقة في شدة الحر ؛ ولهذا شرط في الإبراد أو في شدة الحر كون الصلاة في جماعة وكون المصلين يقصدونها من بعد ولا يجدون كنا يمشون تحته كما تقدم والله أعلم .
(السادسة) قوله : فأبردوا عن الصلاة يحتمل عن هنا أوجها : أحدها أن يكون بمعنى الباء كما أن الباء تكون بمعنى عن فمن الأول [ ص: 157 ] فيما قيل قوله تعالى وما ينطق عن الهوى أي بالهوى ومن الثاني قوله تعالى فاسأل به خبيرا وتسمى هذه باء المجاوزة . ثانيها أن تكون زائدة أي أبردوا الصلاة يقال : أبرد الرجل كذا إذا فعله في برد النهار ذكره nindex.php?page=showalam&ids=14961القاضي عياض وغيره ، وفيه نظر ؛ لأن من جعل عن تأتي زائدة قيد ذلك بأن تزاد للتعويض من أخرى محذوفة ومثلوه بقول الشاعر :
أتجــــزع إن نفس أتاهـــا حمامهـــا فــهلا التــي عـن بيـن جـنبيك تـدفع
قال أبو الفتح أراد تدفع عن التي بين جنبيك فحذفت عن من أول الموصول وزيدت بعده .
(ثالثها) تضمين أبردوا معنى أخروا وحذف مفعوله تقديره أخروا أنفسكم عن الصلاة قال nindex.php?page=showalam&ids=12815القاضي أبو بكر بن العربي : معنى قوله أبردوا أخروا إلى زمان البرد ولا ينتظم ذلك مع قوله عن ، فإن صورته أخروا عن الصلاة إلا بإضمار وتقديره أخروا أنفسكم عن الصلاة وهو قريب من قول nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي : معنى قوله أبردوا عن الصلاة تأخروا عنها مبردين (قلت) أي داخلين في وقت البرد انتهى .
وهو مثل كلام nindex.php?page=showalam&ids=12815ابن العربي ألا إنه ضمن أبردوا معنى فعل قاصر لا يحتاج إلى تقدير مفعول وهو تأخروا .
(السابعة) وقوله في الرواية الثانية أبردوا عن الحر أي أخروا الصلاة عن الحر إلى البرد وقوله في الصلاة يحتمل أن تقديره ذلك في شأن الصلاة ويحتمل أن يكون المفعول المحذوف فعلكم أي أخروا عن الحر فعلكم في الصلاة ويحتمل أن يكون في بمعنى الباء كما في قوله : بصيرون في طعن الأباهر ، والكلى .
(الثامنة) فيح جهنم وفوحها بالياء ، والواو مع فتح الأول فيهما وبالحاء المهملة سطوع حرها وانتشاره يقال فاحت القدر تفيح وتفوح إذا غلت ، وجهنم من أسماء النار ، وهو غير مصروف للعلمية ، والتأنيث ، واختلف في هذه اللفظة هل هي عربية سميت بذلك لبعد قعرها ومنه ركية جهنام أي بعيدة القعر أو فارسية معربة ، وقيل : هي تعريب كهنام بالعبراني واختلف العلماء في قوله : فإن شدة الحر من فيح جهنم هل هو حقيقة أو مجاز فحمله الجمهور على الحقيقة وقالوا : إن وهج الحر من فيح جهنم ويؤيده حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة الآتي [ ص: 158 ] اشتكت النار إلى ربها عز وجل .
وقيل : إنه كلام خرج مخرج التشبيه أي كأنه نار جهنم في الحر فاجتنبوا ضرره قال nindex.php?page=showalam&ids=14961القاضي عياض : وكلا الوجهين ظاهر وحمله على الحقيقة أولى ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=13331ابن عبد البر : القول الأول يعضده عموم الخطاب وظاهر الكتاب ، وهو أولى بالصواب انتهى .
وعلى تقدير حمله على الحقيقة ففيه أن النار مخلوقة الآن موجودة ، وهذا إجماع ممن يعتد به إلا أن المعتزلة قالوا : إنها إنما تخلق يوم القيامة ، والأدلة السمعية متوافرة على خلاف ذلك
(التاسعة) هذا المؤذن المبهم في حديث nindex.php?page=showalam&ids=1584أبي ذر هو nindex.php?page=showalam&ids=115بلال كما ورد التصريح به في رواية nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي في جامعه وأبي عوانة في صحيحه (العاشرة) الفيء بفتح الفاء مهموز الظل الذي يكون بعلم الزوال سمي بذلك لرجوعه من جهة المشرق إلى المغرب وأصل الفيء الرجوع ، والتلول بضم التاء المثناة من فوق جمع تل بفتحها ، وهي الروابي المرتفعة وقال nindex.php?page=showalam&ids=12997ابن بطال : كل شيء بارز على وجه الأرض من حجر أو نبات أو غيره انتهى .
وهو خلاف المعروف .
(الحادية عشر) ظاهر قوله في حديث nindex.php?page=showalam&ids=1584أبي ذر عند الشيخين أذن مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أبرد . أن الأمر بالإبراد راجع إلى الصلاة فقط ؛ لأن الأذان قد وقع وانقضى وفي روايتين أخريين nindex.php?page=showalam&ids=12070للبخاري فأراد المؤذن أن يؤذن الظهر فقال أبرد ، وذلك يقتضي أن الأمر بالإبراد راجع إلى الأذان أيضا ، وأنه منعه من الأذان في ذلك الوقت وقال nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي بعد ذكر الرواية الأولى : وفي هذا كالدلالة على أن الأمر بالإبراد كان بعد التأذين ، وأن الأذان كان في أول الوقت .
وقال شيخنا الإمام جمال الدين عبد الرحيم الإسنوي في المهمات كلام nindex.php?page=showalam&ids=14345الرافعي يفهم أنه لا يستحب الإبراد بالأذان ، وقد نقله ابن الرفعة [ ص: 159 ] في المطلب عن بعضهم (قلت) : وينبغي بناء هذا على أن الأذان مشروع للوقت أو للصلاة ، فإن قلنا للوقت أذن ، وإن قلنا للصلاة فلا ، وقد بنى أصحابنا على هذا الخلاف في الأذان للفائتة فالجديد ورجحه nindex.php?page=showalam&ids=14345الرافعي أنه لا يؤذن لها ، والقديم ورجحه النووي أنه يؤذن لها ، ونص الإملاء إن رجا اجتماع طائفة يصلون معه أذن وإلا فلا قال أصحابنا : الأذان في الجديد حق الوقت وفي القديم حق الفريضة ، وفي الإملاء حق الجماعة ويمكن الجمع بين الروايتين إما بحمل قوله في الرواية الأولى أذن على معنى أراد الأذان كما فسرته الرواية الثانية ، وإما بحمل الأذان في الرواية الثانية على الإقامة فقوله : فأراد أن يؤذن أي يقيم ويدل لذلك قوله في رواية nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي : فأراد أن يقيم فقال : أبرد وقال بعد قوله حتى رأينا فيء التلول ، ثم أقام فصلى .
وكذا حكى ابن الرفعة في المطلب عن بعضهم أنه حمل تأخير الأذان هنا على الإقامة لكن في رواية أبي عوانة في صحيحه بعد قوله : حتى رأينا فيء التلول ، ثم أمره فأذن وأقام ، وهي دالة على أنه لم يكن أذن أولا أو لم يعتد بأذانه والله أعلم .
(الثانية عشر) استدل nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري بقوله في روايته : كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر على مشروعية الأذان للمسافر ، وهو مذهب nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=16004وسفيان الثوري nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد nindex.php?page=showalam&ids=12418وإسحاق nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبي ثور ، والجمهور ، وهو رواية nindex.php?page=showalam&ids=12321أشهب عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك وقال في رواية ابن القاسم : لا أذان على مسافر إنما الأذان على من يجتمع إليه لتأذينه وروي عن طائفة من التابعين أنه يقيم المسافر ولا يؤذن منهم nindex.php?page=showalam&ids=17134مكحول nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن البصري nindex.php?page=showalam&ids=14946والقاسم بن محمد وروي عن nindex.php?page=showalam&ids=8علي nindex.php?page=showalam&ids=16561وعروة nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري nindex.php?page=showalam&ids=12354والنخعي إن شاء أذن ، وإن شاء أقام وفي الموطإ عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر أنه كان لا يزيد على الإقامة في السفر إلا في الصبح ، فإنه كان يؤذن لها ويقيم .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء : إذا كنت في سفر فلم تؤذن ولم تقم فأعد الصلاة وقال nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد إذا نسي الإقامة في السفر أعاد قال nindex.php?page=showalam&ids=12997ابن بطال ، والحجة لهما nindex.php?page=hadith&LINKID=652636قوله عليه الصلاة والسلام للرجلين : أذنا وأقيما قالا : وأمره على الوجوب ، والعلماء على خلاف قول nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد ؛ لأن الإيجاب [ ص: 160 ] يحتاج إلى دليل لا منازع فيه وجمهور العلماء على أنه غير واجب في الحضر فالسفر الذي قصرت فيه الصلاة عن هيئتها أولى بذلك انتهى .
(الثالثة عشر) قوله : حتى رأينا فيء التلول يدل على زيادة التأخير بالإبراد إذ التلول لا يظهر ظلها إلا بعد تمكن الفيء وطوله بخلاف الأشياء المنبسطة ، فإن ظهور ظلها سريع ، وقد ذكر أصحابنا الشافعية أن الإبراد بالظهر يكون بقدر ما يبقى للحيطان ظل يمشي فيه الساعي للجماعة قالوا : ولا ينبغي أن يؤخر عن النصف الأول من الوقت قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رحمه الله في الأم : ولا يبلغ بتأخيرها آخر وقتها فيصليهما جميعا معا ولكن بقدر ما يعلم أنه يصليها متمهلا فينصرف منها قبل آخر وقتها ليكون بين انصرافه منها وبين آخر وقتها فصل .
وكذا قال الحنابلة وقدر المالكية التأخير بزيادة على ربع القامة إلى نصف الوقت واختلفوا هل ينتهي بالإبراد إلى آخر الوقت أم لا فمنعه nindex.php?page=showalam&ids=12321أشهب وأجازه ابن عبد الحكم ويدل له قوله في رواية nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري حتى ساوى الظل التلول وذكر nindex.php?page=showalam&ids=12815أبو بكر بن العربي أن هذا الحديث حجة لأشهب ؛ لأنه عليه الصلاة والسلام إنما أخر إلى أن كان للتلول ، والجدران فيء يستظل به ، وذلك في وسط الوقت ، وفيه نظر ؛ لأن في التلول لا يستظل به إلا في آخر الوقت وخلطه الجدران مع هذا لا معنى له ، فإنهم كانوا في السفر ولا جدران هناك .
وروى nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة في مصنفه عن عمارة قال : كانوا يصلون الظهر والظل قامة وعن nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري إذا زال الفيء عن طول الشيء فذاك حين تصلى الظهر وعن nindex.php?page=showalam&ids=12354إبراهيم النخعي nindex.php?page=showalam&ids=16972ومحمد بن سيرين تصلى الظهر إذا كان الظل ثلاثة أذرع وعن أبي مجلز صليت مع nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر الظهر فقست ظلي فوجدته ثلاثة أذرع .