الحديث السادس وعن nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع أن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر أذن بالصلاة في ليلة ذات برد وريح فقال ألا صلوا [ ص: 318 ] في الرحال ، ثم قال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمر المؤذن إذا كانت ليلة باردة ذات مطر يقول ألا صلوا في الرحال .
(فيه) فوائد :
(الأولى) فيه الرخصة في التخلف عن مسجد الجماعة لعذر وهو كذلك قال nindex.php?page=showalam&ids=12997ابن بطال أجمع العلماء أن التخلف عن الجماعة في شدة المطر والظلمة والريح وما أشبه ذلك مباح .
(الثانية) استدل به بعضهم على أن الجماعة ليست بواجبة وتقديره : أن الذي رخص فيه للمطر إتيان الجماعة .
وأما الجماعة في البيوت والرحال فليس المطر عذرا فيها فلما قال صلوا في الرحال وأطلق ذلك دل على أن الجماعة لا تجب إذ لو وجب ذلك بينه لهم ؛ لأنه وقت البيان .
(الثالثة) أمره صلى الله عليه وسلم للمؤذن أن يقول : ألا صلوا في الرحال ليس هو أمر عزيمة حتى يشرع لهم الخروج إلى الجماعة وإنما هو راجع إلى مشيئتهم فمن شاء صلى في رحله ، ومن شاء خرج إلى الجماعة بدليل ما رواه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم من رواية nindex.php?page=showalam&ids=11862أبي الزبير عن nindex.php?page=showalam&ids=36جابر قال nindex.php?page=hadith&LINKID=658135خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فمطرنا فقال : ليصل من شاء منكم في رحله فوكل ذلك إلى مشيئتهم .
(الرابعة) أطلق nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك في روايته الموضع الذي يقول فيه المؤذن ألا صلوا في الرحال هل يقولها بعد فراغه [ ص: 319 ] أم في أثناء الأذان ؟ لكن الإتيان بالفاء في قوله فقال ألا صلوا يقتضي تعقيبه للأذان وقد صرح به عبيد الله بن عمر العمري في روايته عن nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر أنه نادى بالصلاة في ليلة ذات مطر وريح وبرد فقال في آخر ندائه : ألا صلوا في رحالكم لفظ nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم فقيدها في أذان nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر بآخر ندائه وأطلقها في المرفوع .
وقد قيده nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في الركوع فقال وأخبرنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمر مؤذنا يؤذن ، ثم يقول على أثره ألا صلوا في الرحال .
(الخامسة) قد بينا أن في حديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر أن محل قول المؤذن صلوا في الرحال بعد فراغه من الأذان وفي حديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس المتفق عليه المذكور في بقية الباب أنه يقولها موضع حي على الصلاة .
وقد أشار صاحب المفهم إلى الجمع بينهما بأن قال : ويحتمل أن يكون في آخر رواية قبل الفراغ ويكون هذا مثل حديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس (قلت) هذا الجمع الذي ذكره وإن احتمل أن يكون ذلك بالنسبة لرواية nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم فإنه لا يتأتى في رواية nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري فإنه قال ، ثم يقول على أثره .
(السادسة) ذهب جماعة من أصحاب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي أن المؤذن مخير بين أن يقول ذلك بعد الأذان أو بعد الحيعلة نقله النووي في الروضة من زوائده فقال قال صاحب العدة : إذا كانت ليلة مطيرة وذات ريح وظلمة يستحب أن يقول إذا فرغ من أذانه ألا صلوا في رحالكم فإن قاله في أثناء الأذان بعد الحيعلة فلا بأس ، وكذا قاله الصيدلاني والبندنيجي والشاشي وغيرهم ، قال واستبعد nindex.php?page=showalam&ids=12441إمام الحرمين .
قوله في أثناء الأذان وليس هو ببعيد بل هو الحق والسنة فقد نص عليه nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في آخر أبواب الأذان في الأم وقد ثبت في الصحيحين عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال لمؤذنه في يوم مطير : إذا قلت أشهد أن محمدا رسول الله فلا تقل حي على الصلاة وقل صلوا في بيوتكم فذكر بقية الحديث .
(السابعة) ما استدل عليه النووي بحديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ليس مطابقا له ؛ لأن حديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس يدل [ ص: 320 ] على أنه يقول ذلك مكان حي على الصلاة والذي .
قاله أصحابنا أنه يقولها بعد الحيعلة فهو مخالف لحديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس وما اقتضاه حديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس من كونه يجعلها مكان حي على الصلاة هو المناسب من حيث المعنى ؛ لأن قوله صلوا في رحالكم يخالف قوله حي على الصلاة فلا يحسن أن يقول المؤذن تعالوا ، ثم يقول لا تجيئوا ولكن nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري قد بوب على بعض طرق حديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : باب الكلام في الأذان .
وإذا حملناه على أنه أذان كامل زاد فيه صلوا في رحالكم فيكون تأويل قول nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس إذا قلت أشهد أن محمدا رسول الله فلا تقل حي على الصلاة أي لا تقلها بعد الشهادتين بل قل صلوا في بيوتكم أولا وأتم الأذان بعد ذلك وفيه نظر .
(الثامنة) قال صاحب المفهم استدل بهذين الحديثين يريد حديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر وحديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس من أجاز الكلام في الأذان وهم nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن nindex.php?page=showalam&ids=16561وعروة nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة وعبد العزيز بن أبي سلمة وابن أبي حازم من المالكية قال : ولا حجة لهم في ذلك ، ثم ذكر حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة من عند nindex.php?page=showalam&ids=13357ابن عدي في التصريح بكونها تقال بعد الأذان قال والحديث الثاني أي حديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس لم يسلك فيه مسلك الأذان ألا تراه قال لا تقل حي على الصلاة وإنما أراد إشعار الناس بالتخفيف عنهم للعذر كما فعل من التثويب للأمراء قال وقد كره الكلام في الأذان nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة وعامة الفقهاء انتهى . وما أول nindex.php?page=showalam&ids=14979القرطبي به حديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس يبطل الاستدلال به على الكلام في الأذان فإنه لم يجعله أذانا وحديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر صرح فيه أن ذلك بعد الأذان .
(التاسعة) في قوله ليلة باردة ذات مطر ما يقتضي أن الترخص باجتماع البرد والمطر فلا يكون فيه أن أحدهما رخصة ولكن في رواية nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم التي تليها أو ذات مطر ، وكذا في رواية nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في الليلة الباردة أو المطيرة وهذا يقتضي أن أحدهما عذر ولكن كلا الروايتين التي أتى فيها بأو مقيدة بالسفر وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي إذا كانت ليلة باردة أو ذات مطر أو ذات ريح في سفر الحديث .
فلقائل أن يقول لما كان السفر لا تتأكد فيه الجماعة ويشق الاجتماع لأجلها اكتفى فيه بأحد الأمور بخلاف الحضر فإن المشقة فيه أخف من السفر والجماعة فيه آكد ولكن لا أعلم قائلا [ ص: 321 ] بالفرق في ذلك بين الحضر والسفر فتحمل رواية الواو على رواية أو لزيادة الفائدة فيها والله أعلم .
(العاشرة) ظاهر حديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر أن محل الرخصة في المطر والبرد والريح إنما هو الليل فقط دون النهار من قوله إذا كانت ليلة باردة ذات مطر .
أصحاب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي قائلون بالتفرقة بين الليل والنهار في الريح فقط دون المطر والبرد فقالوا في المطر والبرد : إن كلا منهما عذر في الليل والنهار وقالوا في الريح العاصفة : إنها عذر في الليل دون النهار هكذا جزم nindex.php?page=showalam&ids=14345الرافعي وتبعه النووي وحكى ابن الرفعة وجها آخر في الريح أنها عذر في النهار وللأصحاب أن يجيبوا عن الحديث بأن التقييد بالليل مفهوم لقب وليس بحجة على المشهور والعلة إنما هي البرد والمطر وفي حديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس المتفق عليه في يوم مطير .
وقد ذكرته بعد حديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر في الأصل وأما البرد في النهار فروى nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود من حديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر في الليلة المطيرة والغداة القارة ففيه التصريح بأن البرد عذر في النهار ولكن قد يقال : قيده بالغداة دون بقية النهار لما في الغداة من البرد دون وسط النهار وهذه الرواية من طريق nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق عن nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع هكذا بالعنعنة وهو مدلس فلا يحتج بها .
(الثانية عشرة) ضجنان المذكور في حديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر بفتح الضاد المعجمة وسكون الجيم وبنونين بينهما ألف قال nindex.php?page=showalam&ids=12168أبو موسى المديني في ذيله على كتاب الغريبين للهروي : إنه موضع أو جبل بين مكة والمدينة .
(الثالثة عشرة) فيه أن الأعذار المذكورة رخصة في مطلق الجماعة سواء فيه الجمعة وغيرها وقد صرح في حديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أنه في يوم جمعة ولم يفرق أصحابنا في أصحاب الأعذار بين الجمعة والجماعة إلا ما حكاه صاحب العدة عن أئمة طبرستان أنهم أفتوا أن الوحل الشديد عذر في الجماعة دون الجمعة والصحيح أنه عذر فيهما معا ، ومن فرق بينهما محجوج بحديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس وهو متفق عليه من رواية عبد الله بن الحارث قال خطبنا nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس في يوم ذي ردغ الحديث . في أمره مؤذنه أن يقول صلوا في بيوتكم والردغ والرزغ الطين وقال في بعض طرقه في الصحيحين : إنالجمعة عزمة وإني كرهت أن أخرجكم فتمشون في الطين والدحض .
(الرابعة عشرة) فيه حجة على رواية nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك حيث ذهب إلى أن المطر والوحل ليسا بعذر في الجمعة وعنه رواية أن المطر الشديد والوحل عذر فيها .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل إن المطر الوابل عذر ، وقيد أصحابنا الوحل بالشديد وأطلق أكثرهم المطر ولم يقيدوه بالشديد وقيد بعضهم بما يحصل به أذى وقد أطلق المطر والردغ في حديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس لكن في بعض طرقه عند nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري أن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال كرهت أن أؤمكم فتجيئون تدوسون الطين إلى ركبكم ، فهذا يدل على شدة الوحل والمطر ، لكن يجوز أن يكون بعد انقطاع المطر وهو الظاهر من سياق الحديث ويستدل لما قاله أصحابنا من إطلاقهم المطر في عذر الجمعة والجماعة ما رواه nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه من رواية أبي المليح عن أبيه أنه nindex.php?page=hadith&LINKID=957229شهد النبي صلى الله عليه وسلم زمن الحديبية في يوم جمعة [ ص: 323 ] وأصابهم مطر لم يبل أسفل نعالهم فأمرهم أن يصلوا في رحالهم لفظ nindex.php?page=showalam&ids=11998أبي داود ولقائل أن يقول في بعض طرقه عند nindex.php?page=showalam&ids=11998أبي داود : إن ذلك كان يوم حنين وإذا كان كذلك فلم يكونوا مقيمين ولم ينقل أنهم صلوا الجمعة فيكون ظهرا فلا يبقى فيها دلالة على الجمعة .
(الخامسة عشرة) حكى nindex.php?page=showalam&ids=12997ابن بطال عن nindex.php?page=showalam&ids=15350المهلب أن قوله الصلاة في الرحال أباح التخلف عن الجماعة ، وقوله إنها عزمة يدل على أنه صلى الجمعة وحدها ولم يصل بعدها العصر قال ففيه حجة nindex.php?page=showalam&ids=16867لمالك أنه لا يجوز الجمع بين الظهر والعصر بعذر المطر انتهى .
وليس كما قال من كونه حجة على ما ذكره فإن الجمعة لا تجمع مع العصر إنما يجمع معها الظهر ، فاستدلاله بعدم جمع العصر مع الجمعة لا يدل على ترك الجمع بين الظهر والعصر على أنا نقول : لقائل أن يقول لا يلزم من عدم نقل الجمع عدم وقوعه لو كان جائزا والله أعلم .
(السادسة عشرة) فيه استحباب الأذان في السفر وهو قول أكثر العلماء وإليه ذهب nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=16004وسفيان الثوري nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد nindex.php?page=showalam&ids=12418وإسحاق nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبو ثور وقال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك لا أذان على مسافر وإنما الأذان على من يجتمع إليه لتأديته وروي عن جماعة من التابعين أنه يقيم المسافر ولا يؤذن روي ذلك عن nindex.php?page=showalam&ids=17134مكحول nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن nindex.php?page=showalam&ids=12074والقاسم .
والأحاديث الصحيحة حجة لمن استحب الأذان للمسافر من ذلك حديث nindex.php?page=showalam&ids=60أبي قتادة الطويل عند nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم في نومهم عن الصلاة في الوادي .
وحديث مالك أبو الحويرث في الصحيحين وإذا خرجتما فأذنا وأقيما الحديث بل زاد بعضهم على هذا وقال بوجوب الأذان في السفر وهو nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء بن أبي رباح فقال : إذا كنت في سفر ولم تؤذن ولم تقم فأعد الصلاة .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد إذا نسي الإقامة في السفر أعاد قال nindex.php?page=showalam&ids=12997ابن بطال والحجة لهما قوله أذنا وأقيما وأمره على الوجوب قال والعلماء على خلاف قول nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد والأمر محمول عند العلماء على الاستحباب .