وقوله : اللهم لك الحمد ، أنت نور السماوات والأرض ; أي : منورها في قول الحسن ; دليله : قراءة nindex.php?page=showalam&ids=8علي - رضي الله عنه - : (الله نور السماوات) بفتح النون ، والواو مشددة . قال nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : هادي أهلهما . nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد : مدبرهما ، وقيل : هو المنزه في السماوات والأرض من كل عيب ، من قول العرب : امرأة نوارة ; أي : مبرأة من كل ريبة . وقيل : هو اسم مدح ، يقال : فلان نور البلد ، وشمس الزمان ; كما قال النابغة :
فإنك شمس والملوك كواكب إذا طلعت لم يبد منهن كوكب
[ ص: 397 ] وقال آخر :
إذا سار عبد الله في مرو ليلة فقد سار فيها نورها وجمالها
وقال nindex.php?page=showalam&ids=11873أبو العالية : مزين السماوات بالشمس والقمر والنجوم ، ومزين الأرض بالأنبياء ، والأولياء ، والعلماء .
وقوله : أنت قيام السماوات والأرض : قيام على المبالغة ، من قام بالشيء : إذا هيأ له ما يحتاج إليه ، ويقال : قيوم ، وقيام ، وقيم . وقرأ nindex.php?page=showalam&ids=2عمر : (الله لا إله إلا هو الحي القيام) . وعلقمة : (القيم) . وقال nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة : هو القائم بتدبير خلقه . الحسن : القائم على كل نفس بما كسبت . nindex.php?page=showalam&ids=13033ابن جبير : الدائم الوجود . nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : الذي لا يحول ولا يزول .
وقوله : أنت رب السماوات والأرض ; أي : مصلحهما ، ومصلح من فيهما ، مأخوذ من الربة ، وهي نبت تصلح عليه المواشي ، يقال : رب ، يرب ربا ، فهو راب ، ورب ، وربى يربي تربية ، فهو مرب . قال النابغة :
ورب عليه الله أحسن صنعه
وقال آخر :
يرب الذي يأتي من الخير أنه إذا فعل المعروف زاد وتمما
[ ص: 398 ] والرب أيضا : السيد ، فيكون معناه : أنه سيد من في السماوات والأرض .
والرب : المالك ; أي : هو مالكهما ومالك من فيهما .
وقوله : أنت الحق ; أي : الواجب الوجود ، وأصله من : حق الشيء ; إذا ثبت ووجب ، ومنه : أفمن حق عليه كلمة العذاب [ الزمر :19 ] ولكن حق القول مني [ السجدة : 13 ] ; أي : ثبت ووجب ، وهذا الوصف لله تعالى بالحقيقة والخصوصية لا ينبغي لغيره ; إذ وجوده لنفسه ، فلم يسبقه عدم ، ولا يلحقه عدم ، وما عداه مما يقال عليه هذا الاسم مسبوق بعدم ، ويجوز عليه لحاق العدم ، ووجوده من موجده لا من نفسه ، وباعتبار هذا المعنى كان أصدق كلمة قالها الشاعر كلمة لبيد :
ألا كل شيء ما خلا الله باطل
وإليه الإشارة بقوله تعالى : كل شيء هالك إلا وجهه له الحكم وإليه ترجعون [ القصص : 88 ] ولقاؤنا الله تعالى عبارة عن مآل حالنا بالنسبة إلى جزائنا على أعمالنا في الدار الآخرة ، والساعة : يوم القيامة ، وأصله القطعة من الزمان ، لكن لما لم يكن هناك كواكب تقدر بها الأزمان ; سميت بذلك ، والله أعلم .
وإطلاق اسم الحق على هذه الأمور كلها ; معناه : أنها لا بد من كونها ، وأنها مما ينبغي أن يصدق بها ، وتكرار الحق في تلك المواضع على جهة التأكيد والتفخيم والتعظيم لها .
[ ص: 399 ] وقوله : لك أسلمت ; أي : انقدت وخضعت . وبك آمنت ; أي : صدقت . وعليك توكلت ; أي : فوضت . [ وإليك أنبت ; أي : رجعت . وبك خاصمت ; أي : بما لقنتني من الحجة غلبت الخصوم . وإليك حاكمت ; أي : إليك فوضت ] الحكومة ; كما قال تعالى : أنت تحكم بين عبادك في ما كانوا فيه يختلفون وقد تقدم الكلام على عصمة الأنبياء والذنوب المنسوبة إليهم في كتاب الطهارة . فإذا فرعنا على جواز الصغائر عليهم ، فيكون الاستغفار على بابه وظاهره ، وإن أحلنا ذلك عليهم ، فيكون استغفاره ليسنه لأمته ، أو على تقدير وقوع ذنوب منه حتى يلازم حالة الافتقار والعبودية .
وقوله : وما قدمت ; أي : قبل وقتي هذا . وما أخرت : عنه . وما أسررت ; أي : أخفيت . وأعلنت : أظهرت . أنت إلهي ; أي : معبودي ومقصودي ، الذي وله فيك قلبي ، وتحير في عظمتك وجلالك عقلي ، وكل عن ثنائك لساني ، فغاية الوسيلة إليك ، لا أحصي ثناء عليك . لا إله إلا أنت ; أي : لا معبود غيرك ، ولا معروف بهذه المعرفة سواك .