قوله : ( فوقصته ناقته ) ; أي : أوقعته فاندقت عنقه . يقال لمن اندقت عنقه : وقص ، فهو موقوص ، على بناء ما لم يسم فاعله . وروي : (فأوقصته) - رباعيا - وهما لغتان ، والثلاثي أفصح . ويروى : (فقعصته) ، بمعنى : قتلته لحينه . ومنه قعاص الغنم ، وهو : موتها بداء يأخذها فلا يلبثها .
وقوله : ( فاغسلوه بماء وسدر ، وكفنوه في ثوبيه ، ولا تمسوه بطيب ، ولا تخمروا رأسه ) ; أي : لا تغطوه . قال بمقتضى ظاهر هذا الحديث nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد ، وإسحاق . فقالوا : إذا مات المحرم لا يحنط ، ولا يغطى رأسه . وقال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ، والكوفيون ، والحسن ، nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي : إنه يفعل به ما يفعل بالحلال . وكأنهم رأوا : أن هذا الحكم مخصوص بذلك الرجل . واستدل لهم بوجهين :
أحدهما : أن التكاليف إنما تلزم الأحياء ، لا الأموات .
وثانيهما : أن قوله - صلى الله عليه وسلم - : ( فإنه يبعث يوم القيامة ملبيا ) ; تصريح بالمقتضي لذلك ، ولا يعلم ذلك غير النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فهو إذا تعليل قاصر على ذلك الرجل .
[ ص: 294 ] وقد أجيب عن الأول : بأن الميت وإن كان غير مكلف ; فالحي هو المكلف بأن يفعل به ذلك .
وعن الثاني : أنه وإن لم يعلم ذلك غير النبي - صلى الله عليه وسلم - ، لكنه يرجي من فضل الله أن يفعل ذلك بكل من اتفق له من المحرمين مثل ذلك .
وهذا كما قد قال - صلى الله عليه وسلم - في الشهيد : (إنه يبعث يوم القيامة وجرحه يثعب دما ، اللون لون دم ، والعرف عرف مسك) . وقد سوى nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة بين الشهيد والمحرم فقال : إن كل واحد منهما يغسل ، ويكفن ، ويصلى عليه على أصل المشروعية في الموتى . وسوى nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في كونهما يدفنان في ثيابهما ، غير أن المحرم يغسل ، ولا يصلى عليه . وقال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك في المحرم بقول nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة ، وفي الشهيد بقول nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي .
وقوله : ( ولا تخمروا رأسه ) أو (اكشفوا وجهه) ; حجة nindex.php?page=showalam&ids=16867لمالك nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبي حنيفة على قولهما : إن إحرام الرجل في رأسه ووجهه . والجمهور : على أن الإحرام على الرجل في وجهه .
وقوله : ( اغسلوه بماء وسدر ) ; يدل : على أن حكم الإحرام ساقط عنه ; إذ لا يجوز أن يغتسل المحرم بالسدر ، والخطمي ، وشبههما ; لأن ذلك يزيل الشعث ، والدرن ، وقد منعه nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك من الخطمي والتدليك الشديد ، وقال : عليه الفدية إن فعل . ونحوه عن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبي حنيفة ، nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبي ثور . وقال محمد ، nindex.php?page=showalam&ids=14954وأبو يوسف - صاحبا nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة : عليه صدقة . وقال nindex.php?page=showalam&ids=11956أبو ثور : لا شيء عليه . ورخص [ ص: 295 ] nindex.php?page=showalam&ids=16248طاوس ، nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء ، nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد ، وابن المنذر للمحرم في غسل رأسه بالخطمي .
وقوله : ( في ثوبيه ) ، كذا في أكثر الروايات ، وفي بعضها : (في ثوبين) ، فعلى الرواية الأولى : يحتج به nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في بقاء حكم الإحرام عليه ; لأنه أمر أن يكفن في ثيابه التي كانت عليه . ومن رواه : (في ثوبين) ، فيحتمل أن يريد بهما : ثوبيه . ويحتمل أن يزيدوا على ثوبه الذي أحرم فيه ثوبين ليكون كفنه وترا . والأول أولى ; لأن إحدى الروايتين مفسرة للأخرى .