رواه أحمد ( 4 \ 332 و 333 ) ، ومسلم ( 181 ) ، والترمذي ( 2555 ) ، وابن ماجه ( 187 ) .
و ( قول من يسأله الله من أهل الجنة بقوله : " هل تريدون شيئا أزيدكم ؟ ألم تبيض وجوهنا وتدخلنا الجنة وتنجنا من النار " ؟ ) لا يليق بمن مات على كمال المعرفة والمحبة والشوق ، وإنما يليق ذلك بمن مات بين الخوف والرجاء ، فلما حصل على الأمن من المخوف والظفر بالمرجو الذي كان تشوقه إليه ، قنع به ، ولها عن غيره . وأما من مات محبا لله مشتاقا لرؤيته ، فلا يكون همه ، إلا طلب النظر لوجهه الكريم لا غير . ويدل على صحة ما قلته أن المرء يحشر على ما يموت عليه كما علم من الشريعة ، بل أقول : إن من مات مشتاقا لرؤية الله تعالى لا ينبه بالسؤال ، بل يعطيه أمنيته ذو الفضل والإفضال ، ومذهب أهل السنة بأجمعهم : أن الله تعالى ينظر إليه المؤمنون في الآخرة بأبصارهم ، كما نطق بذلك الكتاب ، وأجمع [ ص: 414 ] عليه سلف الأمة ، ورواه بضعة عشر من الصحابة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - . ومنع ذلك فرق من المبتدعة منهم المعتزلة والخوارج وبعض المرجئة ; بناء منهم على أن الرؤية يلزمها شروط اعتقدوها عقلية ، كاشتراط البنية المخصوصة والمقابلة ، واتصال الأشعة ، وزوال الموانع من القرب المفرط والبعد المفرط والحجب الحائلة في خبط لهم وتحكم . وأهل الحق لا يشترطون شيئا من ذلك عقلا سوى وجود المرئي ، وأن الرؤية إدراك يخلقه الله تعالى للرائي ، فيرى المرئي لكن يقترن بالرؤية بحكم جريان العادة أحوال يجوز في العقل شرعا تبدلها ، والله أعلم ، وتفصيل ذلك وتحقيقه في علم الكلام .