أما الإماء فلا يدعونني ولدا إذا ترامى بنو الأموان بالعار
وتبين زنى الأمة يكون بالإقرار وبالحبل، وبصحة الشهادة عند الإمام. وهل يكتفي السيد بعلم الزنى أو لا؟ عندنا في ذلك روايتان.
و(قوله: فليجلدها ) أمر للسيد بجلد أمته الزانية وعبده، وبه قال الجمهور من الصحابة، والتابعين، والفقهاء، خلا أهل الرأي nindex.php?page=showalam&ids=11990أبا حنيفة وأصحابه، فإنهم قالوا: لا يقيم الحد إلا السلطان، وهذه الأحاديث - النصوص الصحيحة - حجة عليهم. وفي معنى حد الزنى عند الجمهور سائر الحدود، غير أنهم اختلفوا في حد السرقة، وقصاص الأعضاء، فمنع nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك وغيره إقامة السيد ذلك؛ مخافة أن يمثل بعبده، ويدعي أنه سرق وأقام الحد عليه، فيسقط العتق الواجب بالمثلة.
قلت: وعلى هذا: لو قامت بينة توجب حد السرقة أقامه، وقاله بعض أصحابنا إذا قامت على السرقة البينة، وقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : يقطع السيد عبده إذا سرق.
قلت: وعلى هذا: فله أن يقتل عبده إذا قتل; لكن إذا قامت البينة.
[ ص: 120 ] وكل من قال بإقامة السيد الحد على أمته لم يفرق بين أن تكون الأمة ذات زوج أو غير ذات زوج; خلا nindex.php?page=showalam&ids=16867مالكا فإنه قال: إن كانت غير ذات زوج، أو كانت متزوجة بعبد السيد أقام عليها الحد، فلو كانت متزوجة بأجنبي لم يقم سيدها عليها الحد لحق الزوج; إذ قد يعيبها عليه، وإنما يقيمه الإمام.
و(قوله: ولا يثرب عليها ) أي: لا يوبخ، ولا يعير، ولا يكثر من اللوم، فإن الإكثار من ذلك يزيل الحياء والحشمة، ويجرئ على ذلك الفعل. وأيضا: فإن العبد غالب حاله أنه لا ينفعه اللوم والتوبيخ، ولا يؤثر، فلا يظهر له أثر، وإنما يظهر أثره في حق الحر، ألا ترى قول الشاعر:
واللوم للحر مقيم رادع والعبد لا يردعه إلا العصا
وأيضا: فإن التوبيخ واللوم عقوبة زائدة على الحد الذي نص الله تعالى عليه، فلا ينبغي أن يلتزم ذلك. ولا يدخل في ذلك الوعظ والتخويف بعقاب الله تعالى، والتهديد إذا احتيج إلى ذلك; إذ ليس بتثريب، ولأن الصحابة - رضي الله عنهم - قد قالوا لشارب الخمر: أما اتقيت الله، أما استحيت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -