رواه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري (6773) nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم (1706) nindex.php?page=showalam&ids=11998وأبو داود (4479) nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي (1343).
(10) ومن باب الحد في الخمر
(قوله: أتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - برجل قد شرب الخمر فجلده ) ظاهره يقتضي: أن شرب الخمر بمجرده موجب للحد ; لأن الفاء للتعليل، كقولهم: سها فسجد، [ ص: 128 ] وزنى فرجم، وهو مذهب الجمهور من الصحابة وغيرهم، ولم يفرقوا بين شرب خمر العنب وغيره، ولا بين شرب قليله وكثيره; إذ الكل خمر، كما قدمناه، وللكوفيين تفصيل ينبني على ما تقدم ذكره في باب تحريم الخمر، وهو أن من شرب شيئا من خمر العنب النيئة وجب عليه الحد، قليلا كان أو كثيرا؛ لأن هذا هو المجمع عليه، فإن شرب غيره من الأشربة فسكر، حد، [وهذا أيضا مجمع عليه] فإن لم يسكر لم يحد عندهم. وكذلك قالوا في مطبوخ العنب.
وذهب nindex.php?page=showalam&ids=11956أبو ثور : إلى أن من رأى تحريم القليل من النبيذ جلد ومن لم يره لم يجلد; لأنه متأول. وقد مال إلى هذا الفرق بعض شيوخنا المتأخرين، والصحيح ما ذهب إليه الجمهور بما سبق ذكره في باب تحريم الخمر، وبدليل قوله: nindex.php?page=hadith&LINKID=671828 (من شرب الخمر فاجلدوه، ثم إن شرب فاجلدوه، ثم إن شرب فاجلدوه، ثم إن شرب فاقتلوه) فعلق الحكم على نفس شرب ما يقال عليه خمر، ولم يفرق بين قليل ولا كثير، وقد بينا أن الكل يقال عليه خمر لغة وشرعا، بالطرق التي لا مدفع لها.
هذا قول طائفة من علماء أصحابنا وغيرهم، وهو ظاهر من الأحاديث التي ذكرناها، غير أنه يرد عليهم أن يقال: هذا معارض بوجهين:
أحدهما: أن nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب قد قال: جلد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أربعين، nindex.php?page=showalam&ids=1وأبو بكر أربعين ، وجلد nindex.php?page=showalam&ids=8علي بحضرة nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان ، والصحابة - رضي الله عنهم - أربعين، ودوامهم على مراعاة هذا العدد يدل على أنه حد محدود، ولو كان تعزيرا لاختلف بحسب اجتهاد كل واحد منهم.
قال nindex.php?page=showalam&ids=14961القاضي عياض : أجمع المسلمون على وجوب الحد في الخمر، وكيف تجمع الأمة على خلاف ما جاء به النبي - صلى الله عليه وسلم -؟!
فالجواب عن الوجهين: أن الصحابة - رضوان الله عليهم - هم الذين نقلوا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ما يدل على التعزير، وهم الذين نقلوا ما يدل على التحديد، والذين قاسوا واجتهدوا هم الذين عددوا وحددوا، ولم ينص أحد منهم على نفي أحد الوجهين وثبوت الآخر، وإنما هو نقل أحوال محتملة، فلا بد من التلفيق بين أقوالهم; لاستحالة التناقض والكذب عليهم.
ووجه التلفيق: أن الصحابة - رضي الله تعالى عنهم - فهمت عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: أن جلده كان تعزيرا; لأنه قد اختلف حاله فيه، فمرة جلد فيه بالأيدي والنعال والثياب من غير عدد، ومرة جلد فيه بالجريد والنعال أربعين، ومرة جلد فيه بجريدتين نحو الأربعين، فهذه نحو الثمانين، فهذا تعزير بلا شك، لكن لما كان أكثر جلده أربعين اختاره nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر ، nindex.php?page=showalam&ids=2وعمر في أول أمره، فلما كثر إقدام الناس على شرب الخمر، تفاوضت الصحابة في ذلك ونظروا، فظهر لهم أن ذلك القدر [ ص: 131 ] لا يزجرهم، ولا يبالون به، فظهر لهم أن يلحقوه بأخف حدود الأحرار المذكورة في القرآن، فوجدوه القذف، مع أنه قد ظهر لهم جامع بينهما، فقالوا: إذا سكر هذى، وإذا هذى افترى.
وهذا يدل على أنه جلد فيه ثمانين في ولايته، وأنه لم يخالف nindex.php?page=showalam&ids=2عمر في الثمانين، وإياها عنى بقوله: ( فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يسنه ) ولا يصح أن يريد بذلك الأربعين; لأنه هو الذي روى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جلد فيه أربعين، ولو مات في الأربعين لم تجب له دية بوجه؛ ولذلك قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : لو مات في الأربعين فالحق قتله، كما تقدم، فتفهم هذا البحث؛ فإنه حسن.
وحاصله: أن الجلد على الخمر تعزير منع من الزيادة على غايته، فرأت طائفة: أن غايته أربعون، فلا يزاد عليه، وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي من الفقهاء، والإجماع على أنه لا يزاد على الثمانين.