المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم

أبو العباس القرطبي - ضياء الدين أحمد بن عمر القرطبي

صفحة جزء
4003 (6) باب تكنية الصغير وندائه بـ: يا بني

[ 2057 ] عن أنس بن مالك قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خلقا، وكان لي أخ يقال له: أبو عمير. قال: أحسبه قال: كان فطيما. قال: فكان إذا جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فرآه قال: أبا عمير، ما فعل النغير. قال: وكان يلعب به.

رواه أحمد (3 \ 115) والبخاري (6129) ومسلم (2150) وأبو داود (4969) والترمذي (333) وابن ماجه (3740).
[ ص: 471 ] (6) ومن باب تكنية الصغير

قد تقدم القول في الكناية في الباب قبل هذا.

قوله: ( يا أبا عمير ! ما فعل النغير؟ ) فيه دليل على جواز السجع في الكلام إذا لم يكن متكلفا ، فأما مع التكلف فهو من باب التنطع والتشدق المكروهين في الكلام. وعمير: تصغير عمر أو عمرو. والنغير: تصغير نغر، والنغر: طير كالعصافير حمر المناقير، وتجمع: نغران. مثل: صرد وصردان، ومؤنثه: نغرة، كهمزة.

وقد يستدل الحنفي بهذا الحديث على جواز صيد المدينة . وهو قول خالف فيه الجمهور ونص نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن صيد المدينة ، كما نهى عن صيد مكة ، كما قدمناه.

ولا حجة فيه; إذ ليس فيه ما يدل على أن ذلك الطير صيد في حرم المدينة ، بل نقول: إنه صيد في الحل، وأدخل في الحرم . ويجوز للحلال أن [ ص: 472 ] يصيد في الحل، ويدخله في الحرم ، ولا يجوز له أن يصيد في الحرم ، فيفرق بين ابتداء صيده وبين استصحاب إمساكه، كما ذكرناه في الحج.

وفيه جواز لعب الصبي بالطير الصغير ، لكن الذي أجاز العلماء من ذلك: أن يمسك له، وأن يلهو بحسنه. وأما تعذيبه، والعبث به: فلا يجوز; لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن تعذيب الحيوان إلا لمأكلة.

التالي السابق


الخدمات العلمية