قوله: ( يا أبا عمير ! ما فعل النغير؟ ) فيه دليل على جواز السجع في الكلام إذا لم يكن متكلفا ، فأما مع التكلف فهو من باب التنطع والتشدق المكروهين في الكلام. وعمير: تصغير عمر أو عمرو. والنغير: تصغير نغر، والنغر: طير كالعصافير حمر المناقير، وتجمع: نغران. مثل: صرد وصردان، ومؤنثه: نغرة، كهمزة.
وقد يستدل الحنفي بهذا الحديث على جواز صيد المدينة . وهو قول خالف فيه الجمهور ونص نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن صيد المدينة ، كما نهى عن صيد مكة ، كما قدمناه.
ولا حجة فيه; إذ ليس فيه ما يدل على أن ذلك الطير صيد في حرم المدينة ، بل نقول: إنه صيد في الحل، وأدخل في الحرم . ويجوز للحلال أن [ ص: 472 ] يصيد في الحل، ويدخله في الحرم ، ولا يجوز له أن يصيد في الحرم ، فيفرق بين ابتداء صيده وبين استصحاب إمساكه، كما ذكرناه في الحج.
وفيه جواز لعب الصبي بالطير الصغير ، لكن الذي أجاز العلماء من ذلك: أن يمسك له، وأن يلهو بحسنه. وأما تعذيبه، والعبث به: فلا يجوز; لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن تعذيب الحيوان إلا لمأكلة.