(قوله: " فزع أهل المدينة ") أي: ذعروا من عدو دهمهم، وقد قدمنا أن الفزع يقال على أوجه متعددة، و " لم تراعوا " أي: لم يصبكم روع، أو لا روع عليكم.
و (قوله: " وجدناه بحرا ") يعني: الفرس، أي: وجدناه يجري كثيرا جريا متتابعا كالبحر. وقد تقدم: أن أصل البحر: السعة، والكثرة. ويقال: فرس سحب، وبحر، وسكب، وفيض، وغمر: إذا كان سريعا، كثير الجري، شديد العدو.
و (قوله: " وكان فرسا يبطأ ") أي: ينسب البطء إليه، ويعرف به، فلما ركبه رسول الله صلى الله عليه وسلم أدركته بركته، فسابق الجياد، وصار نعم العتاد. والرواية [ ص: 100 ] المشهورة: يبطأ بالمثناة تحت والموحدة، من البطء: ضد السرعة، وعند nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري : " ثبطا " أي: ثقيلا. وهو بمعنى الأول. والفرس العري الذي لا سرج عليه، يقال: فرس عري وخيل أعراء. ويقال: رجل عريان، ورجال عرايا.
وفي هذا الحديث ما يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان قد جمع له من جودة ركوب الخيل، والشجاعة، والشهامة، والانتهاض الغائي في الحروب، والفروسية وأهوالها، ما لم يكن عند أحد من الناس، ولذلك قال أصحابه عنه: إنه كان أشجع الناس، وأجرأ الناس في حال البأس، ولذلك قالوا: إن الشجاع منهم كان الذي يلوذ بجنابه إذا التحمت الحروب، وناهيك به، فإنه ما ولى قط منهزما، ولا تحدث أحد عنه قط بفرار.
ومندوب: اسم علم لذلك الفرس. وقيل: إنه سمي بذلك لأنه كان يسبق، فيجوز الندب، وهو: الخطر الذي يجعل للسابق، وكأنه إنما حدث له هذا الاسم بعد أن ركبه رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقد ذكر أنه كان لرسول الله فرس يسمى مندوبا، ويحتمل أن يكون هذا الفرس انتقل من ملك nindex.php?page=showalam&ids=86أبي طلحة إلى ملك النبي صلى الله عليه وسلم إما بالهبة، وإما بالابتياع، ويحتمل أن يكون فرسا آخر وافقه في ذلك الاسم، والله أعلم.