" الحياء " - ممدود -: انقباض يجده الإنسان من نفسه يحمله على الامتناع من ملابسة ما يعاب عليه، ويستقبح منه، ونقيضه الصلب: وهو التصلب في الأمور، وعدم المبالاة بما يستقبح ويعاب عليه منها، وكلاهما جبلي ومكتسب، غير أن الناس منقسمون في القدر الحاصل منهما، فمن الناس من جبل على الكثير من [ ص: 115 ] الحياء، ومنهم من جبل على القليل منه، ثم إن أهل الكثير من النوعين على مراتب، وكذلك أهل القليل، فقد يكبر أحد النوعين حتى يصير نقيضه كالمعدوم. ثم هذا الجبلي سبب في تحصيل المكتسب، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم قد جبل من الحياء على الحظ الأوفر، والنصيب الأكثر، ولذلك قيل فيه: إنه كان أشد حياء من العذراء في خدرها، ثم إنه كان يأخذ نفسه بالحياء ويستعمله، ويأمر به، ويحض عليه، فيقول: " nindex.php?page=hadith&LINKID=842667الحياء من الإيمان ". و " nindex.php?page=hadith&LINKID=655652الحياء لا يأتي إلا بخير ". و " nindex.php?page=hadith&LINKID=699822الحياء خير كله ". ويقول لأصحابه: " nindex.php?page=hadith&LINKID=664752استحيوا من الله حق الحياء ". وكان يعرف الحياء في وجهه لما يظهر عليه من الخفر والخجل. وكان إذا أراد أن يعتب رجلا معينا أعرض عنه، ويقول: " ما بال رجال يفعلون كذا "، ومع هذا كله فكان لا يمنعه الحياء من حق يقوله، أو أمر ديني يفعله، تمسكا بقول الحق: والله لا يستحيي من الحق [الأحزاب: 53] وهذا هو نهاية الحياء، وكماله، وحسنه، واعتداله، فإن من يفرط عليه الحياء حتى يمنعه من الحق فقد ترك الحياء من الخالق، واستحيا من الخلق، ومن كان هكذا فقد حرم نافع الحياء، واتصف بالنفاق والرياء، والحياء من الله هو الأصل والأساس، فإن الله تعالى أحق أن يستحيا منه من الناس.
و " العذراء ": البكر التي لم تنتزع عذرتها. و " الخدر ": أصله الهودج، وهو هنا: كناية عن بيتها الذي هي ملازمة له إلى أن تخرج منه إلى [ ص: 116 ] بيت زوجها.