(79 و 80) ومن باب : قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " أنا أمنة لأصحابي " وخير القرون
الأمنة : الأمن ، ومنه قوله تعالى : إذ يغشيكم النعاس أمنة منه [الأنفال: 11] أي : أمنا . ويعني بذلك : أن الله تعالى رفع عن أصحابه الفتن ، والمحن ، والعذاب مدة كونه فيهم ، كما قال تعالى : وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم [الأنفال: 33] فلما توفي رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ جاءت الفتن ، وعظمت المحن ، [ ص: 485 ] وظهر الكفر والنفاق ، وكثر الخلاف والشقاق ، فلولا تدارك الله هذا الدين بثاني اثنين لصار أثرا بعد عين ، وهذا الذي وعدوا به .
و (قوله : " النجوم أمنة للسماء ") أي : ما دامت النجوم فيها لم تتغير بالانشقاق ، ولا بالانفطار ، فإذا انتثرت نجومها ، وكورت شمسها ، جاءها ذلك ، وهو الذي وعدت به .
و (قوله : " وأصحابي أمنة لأمتي ") يعني : أن أصحابه ما داموا موجودين كان الدين قائما ، والحق ظاهرا ، والنصر على الأعداء حاصلا ، ولما ذهب أصحابه غلبت الأهواء ، وأديلت الأعداء ، ولا يزال أمر الدين متناقصا ، وجده ناكصا إلى أن لا يبقى على ظهر الأرض أحد يقول : الله ، الله . وهو الذي وعدت به أمته ، والله تعالى أعلم .