إذا ذهب القرن الذي أنت فيهم وخلفت في قرن فأنت غريب
وقيل : مقدار زمانه : ثمانون سنة ، وقيل : ستون ، ويعني : أن هذه القرون الثلاثة : أفضل مما بعدها إلى يوم القيامة ، وهذه القرون في أنفسها متفاضلة ، فأفضلها : الأول ، ثم الذي بعده ، ثم الذي بعده . هذا ظاهر الحديث . فأما أفضلية الصحابة ، وهم القرن الأول على من بعدهم ، فلا تخفى ، وقد بينا إبطال قول من زعم أنه يكون فيمن بعدهم أفضل منهم ، أو مساو لهم في كتاب الطهارة . وأما أفضلية من بعدهم ، بعضهم على بعض ، فبحسب قربهم من القرن الأول ، وبحسب ما ظهر على أيديهم من إعلاء كلمة الدين ، ونشر العلم ، وفتح الأمصار ، وإخماد كلمة الكفر . ولا خفاء : أن الذي كان من ذلك في قرن التابعين كان أكثر وأغلب مما كان في أتباعهم ، وكذلك الأمر في الذين بعدهم ، ثم بعد هذا غلبت الشرور ، وارتكبت الأمور ، وقد دل على صحة هذا قوله في حديث : " يغزو فئام من الناس ، فيقال : هل فيكم من صحب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ؟ فيقال : نعم ، فيفتح لهم . . . " الحديث . والفئام : الجماعة من الناس ، لا واحد له من لفظه ، وهو مهموز ، والعامة تترك همزه . أبي سعيد