( قول nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة : اسمعي يا ربة الحجرة ) يعني nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة - رضي الله عنها - كان ذلك منه ليسمعها ما يرويه عن النبي صلى الله عليه وسلم ، إما ليذكرها بما تعرفه ، أو يفيدها بما لم تسمعه ، فقد كان nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة - رضي الله عنه - يحضر مع النبي صلى الله عليه وسلم في مواطن لم تكن تحضرها nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة - رضي الله عنها - ، بل قد كان nindex.php?page=showalam&ids=3لأبي هريرة - رضي الله عنه - من الملازمة لرسول الله صلى الله عليه وسلم كما تقدم في مناقبه ، ما لم يكن لغيره من الصحابة - رضي الله عنهم - ثم قد اتفق له من الخصوصية التي أوجبت له الحفظ ما لم يتفق لغيره ، فكان عنده من الحديث ما لم يكن عند nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة ، لكن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة أنكرت عليه سرده للحديث والإكثار منه في المجلس الواحد ؛ لذلك قالت : ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسرد الحديث سردكم ، إنما كان يحدث حديثا ، لو عده العاد لأحصاه . وقد سلك هذا المسلك كثير من السلف ؛ وكانوا لا يزيدون على عشرة [ ص: 710 ] أحاديث ليست بطوال في المجلس الواحد ، وقد كره الإكثار من الأحاديث كثير من السلف ؛ مخافة ما يكون في الإكثار من الآفات . روي عن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب أنه قال : أقلوا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . وقد عاب كثير من الصحابة على nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة الإكثار من الحديث حتى احتاج nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة إلى الاعتذار عن ذلك ، والإخبار بموجب ذلك ، قال : إن ناسا يقولون : أكثر nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة ، ولولا آية في كتاب الله ما حدثت حديثا . ثم قال : إن إخواننا من الأنصار كان شغلهم العمل في أموالهم ، وإن إخواننا من المهاجرين كان شغلهم الصفق بالأسواق ، وإني كنت ألزم رسول الله صلى الله عليه وسلم لشبع بطني ، أحضر ما لا يحضرون ، وأحفظ ما لا يحفظون . ودخل nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك على ابني أخته nindex.php?page=showalam&ids=1أبي بكر nindex.php?page=showalam&ids=12427وإسماعيل بن أبي أويس ، وهما يكتبان الحديث ، فقال لهما : إن أردتما أن ينفعكما الله بهذا الأمر ، فأقلا منه ، وتفقها . ولقد جاء عن nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة أنه قال لكتبة الحديث : إن هذا الحديث يصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة ، فهل أنتم منتهون . قال أبو الحسن القابسي - رحمه الله - : يريد nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة بقوله هذا عيب تكثير الروايات ؛ لما قد دخل على المكثرين من اختلاط الأحاديث ، وغير ذلك ، فيصيرون بالتكلف إلى أن يتقولوا على الرسول صلى الله عليه وسلم ما لم يقل .
قلت : ويظهر لي من قول nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة أنه قصد تحذير من غلبت عليه شهوة كتب الحديث وروايته ، حتى يحمله ذلك على التفريط في متأكد المندوبات من [ ص: 711 ] الصلوات والأذكار والدعوات ؛ حرصا على الإكثار وقضاء للشهوات والأوطار .
قلت : وهذه وصايا السلف وسير أئمة الخلف ، قد نبذها أهل هذه الأزمان ، وانتحلوا ضروبا من الهذيان ، فترى الواحد منهم كحاطب ليل ، وكجالب رجل وخيل ، فيأخذ عمن أقبل وأدبر من العوام ، وممن لم يشعر بشيء قط من هذا الشأن ، غير أنه قد وجد اسمه في طبق السماع على فلان ، أو أجاز له فلان ، وإن كان في ذلك الوقت في سن من لا يفعل من الصبيان ، ويسمون مثل ذلك بالسند العالي ؛ وإن كان باتفاق السلف وأهل العلم في أسفل سفال ، وكل ذلك قصد من كثير منهم إلى الإكثار ، ولأن يقال : انفرد فلان بعالي الروايات والآثار . ومن ظهر منه أنه على تلك الحال فالأخذ عنه حرام وضلال ، بل الذي يجب الأخذ عنه من اشتهر بالعلم والإصابة والصدق والصيانة ممن قيد كتب الحديث المشهورة ، والأمهات المذكورة التي مدار الأحاديث عليها ، ومرجع أهل الإسلام إليها ، فيعارض كتابه بكتابه ، ويقيد منه ما قيده ، ويهمل ما أهمله ، فإن كان ذلك الكتاب ممن شرط مصنفه الصحة كمسلم nindex.php?page=showalam&ids=12070والبخاري ، أو ميز بين الصحيح وغيره nindex.php?page=showalam&ids=13948كالترمذي ، وجب التفقه في ذلك والعمل به ، وإن لم يكن كذلك وجب التوقف إلى أن يعلم حال أولئك الرواة ، إما بنفسه إن كانت له أهلية البحث في الرجال ، وإما بتقليد من له أهلية ذلك ، فإذا حصل ذلك وجب التفقه والعمل ، وهو المقصود الأول ، وعليه المعول . وكل ما قبله طريق موصل إليه ، ومحوم عليه . وإن من علامات عدم التوفيق البقاء في الطريق من غير وصول إلى المقصود على التحقيق .