(قوله : " إني عالجت امرأة " ) أي : حاولتها لأصيب منها غرضا وشهوة ، وأقصى المدينة : ما بعد منها ، يعني موضعا خاليا عن الناس .
و (قوله : إني أصبت منها ما دون أن أمسها ) أي : لم أجامعها ، وقد قال في رواية أخرى : إن الذي أصاب منها قبلة قبلها ، وإياها عنى في الرواية الأخرى بقوله : أصبت حدا ، ويحتمل أن يكون معناه : أصبت منها شيئا ممنوعا ; لأن الحد في أصله هو المنع ، ويحتمل أنه ظن أن في ذلك حدا فأطلق عليه ذلك . وهو الظاهر من قوله : أصبت حدا فأقم علي كتاب الله .
و (قوله : فانطلق فأتبعه النبي صلى الله عليه وسلم رجلا فدعاه ، فتلا عليه هذه الآية : وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل [ هود : 114 ] إنما دعاه النبي صلى الله عليه وسلم بعد انصرافه عنه ، لأن الله تعالى أنزل الآية بعد انصرافه بسبب سؤال الرجل المذكور ، كما جاء نصا في رواية أخرى : أن رجلا أصاب من امرأة قبلة فأتى النبي صلى الله عليه وسلم ، فذكر ذلك له . قال : فنزلت الآية . فبين أن الآية نزلت بسبب ذلك الرجل . وإقامة الصلاة : القيام بفعلها على سنتها والمثابرة عليها . وطرفا النهار : هما الصبح والعصر . وقيل : الظهر والعصر ، وقيل : العشاء والمغرب . وزلفا من الليل : بفتح اللام على قراءة الجماعة ، وهي الساعات المتقاربة ، جمع زلفة ، وهي القربة والمنزلة [ ص: 88 ] وقرأها يزيد بضم اللام ، وابن محيصن بسكونها ، والمراد المغرب والعشاء ، والله أعلم .
و (قوله : إن الحسنات يذهبن السيئات ) يعني الصلوات الخمس ، كما قد جاء مفسرا عنه صلى الله عليه وسلم ، قاله nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد : هي : لا إله إلا الله ، والله أكبر والحمد لله .
و (قوله : ذلك ذكرى للذاكرين ) أي تذكر لمن تذكر واتعاظ لمن اتعظ ، وقيل : إن هذا الرجل هو عمرو بن غزية ، كان يبيع التمر ، فقال لامرأة : في البيت [ ص: 89 ] تمر أجود من هذا ، فدخلت ، فوثب عليها وقبلها ثم تركها نادما . فجاء باكيا إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فنزلت الآية ، فقال له : " هل حضرت معنا الصلاة ؟ " فقال : نعم . قال : " غفر لك " ، وقيل : إنها كانت صلاة العصر .