5357 [ 2885 ] وعنه : أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة [ الإسراء : 57 ] قال : كان نفر من الإنس يعبدون نفرا من الجن ، فأسلم النفر من الجن ، واستمسك الإنس بعبادتهم - فنزلت .
رواه البخاري (4714) ، ومسلم (3030) (29) .
و ( قوله : أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة [ الإسراء : 57 ] ، هي نحو مما قال الخضر لموسى عليه السلام : ما نقص علمي وعلمك من علم الله إلا كما نقص هذا العصفور من هذا البحر - وقد تقدم معناه .
قلت : والآية بحكم عمومها متناولة للفريقين ; لأن " أولئك " إشارة إلى الذين زعمتم من دونه والمخاطب بـ قل ادعوا كل من كان كذلك ، والنفر من الإنس قيل : إنهم كانوا من خزاعة . وزعمتم : ادعيتم ، ومعمولها محذوف ، تقديره : زعمتم أنهم آلهة غير الله ، فلا يملكون : أي لا يستطيعون . والضر : هو قحط سبع سنين ، والأحسن حمله على جنس الضر ; فإنهم لا يملكون كشف شيء منه كائنا ما كان ولا تحويلا ، ولا يملكون تحويل شيء من أحوالهم ولا تبديله بغيره .
[ ص: 358 ] ويبتغون : يقصدون ويطلبون . وهذه الجملة هي خبر " أولئك " ، والذين يدعون : نعت لأولئك . والوسيلة : القربة إلى الله تعالى . وأيهم أقرب ; أي : كل واحد منهم يجتهد في التقرب إلى الله تعالى بعبادته ، يريد بذلك أن يكون أقرب إليه من كل أحد . وهذا المعنى أمكن في حق العزير وعيسى وأمه ، وبهذا يتأيد القول الثاني nindex.php?page=showalam&ids=11لابن عباس رضي الله عنهما .
و ( قوله : ويرجون رحمته ويخافون عذابه ) ، هكذا حال العارف بالله تعالى بين الرجاء والخوف ، ولا بد منهما للمؤمن ، ولذلك قال بعض السلف : لو وزن رجاء المؤمن وخوفه لاعتدلا . إلا أن الخوف أولى بالمسيء لكن بحيث لا يقنط من رحمة الله ، والرجاء أولى بالمحسن لكن بحيث لا يغتر فيكسل عن الاجتهاد في عبادة الله .
و ( قوله : إن عذاب ربك كان محذورا [ الإسراء : 57 ] ) ; أي : شيئا عظيما يجب أن يحذره المؤمن ، فهو محذور للمؤمن العارف ومتروك للجاهل الآمن .