قال : فأما من دخل في الإسلام وعقله ثم قتل فلا توبة له .
رواه مسلم (3023) (19) .
[ ص: 382 ] (17) ومن سورة الفرقان
(قوله تعالى : والذين لا يدعون مع الله إلها آخر . . .) الآيتين [ الفرقان : 68 - 69 ] - هذه الآية معطوفة على ما قبلها من الأوصاف التي وصف بها عباد الرحمن ، وهو من باب عطف الصفات بعضها على بعض ، وكذلك ما بعد هذه الآية من الآيات معطوف بعضها على بعض ، والكل معطوف على قوله : الذين يمشون على الأرض هونا إلى أن قال : أولئك يجزون الغرفة بما صبروا إلى قوله : ومقاما [ الفرقان : 75 - 76 ] وهذه الجملة هي خبر المبتدأ الذي هو : وعباد الرحمن [ الفرقان : 63 ] وما بين المبتدأ والخبر أوصاف لهم وما تعلق بها ، وقد تضمنت هذه الآية مدح من لم تقع منه هذه الفواحش الثلاث التي هي : الشرك بالله ، والقتل - العدوان ، والزنى . وذم من وقعت منه ، ومضاعفة العذاب عليه ، وهي محمولة على ظاهرها عند الجمهور ، وعليه فيكون معنى قوله : إلا بالحق أي : بأمر موجب للقتل شرعا . وذلك الأمر هو المذكور في قوله صلى الله عليه وسلم : nindex.php?page=hadith&LINKID=66487 " لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث : زنى بعد إحصان ، أو كفر بعد إيمان ، أو قتل نفس بغير نفس " . وقد صرف هذه الآية عن ظاهرها بعض [ ص: 383 ] أهل المعاني فقال : لا يليق بمن أضافهم الرحمن إليه إضافة الاختصاص ووصفهم بما ذكرهم من صفات المعرفة والتشريف، وقوع هذه الأمور القبيحة منهم حتى يمدحوا بنفيها ; لأنهم أعلى وأشرف . فقال : معناها لا يدعون الهوى إلها ، ولا يذلون أنفسهم بالمعاصي فيكون قتلا لها . ومعنى إلا بالحق أي : إلا بسكين الصبر وسيف المجاهدة ، ولا ينظرون إلى نساء ليست لهم بمحرم بشهوة فيكون سفاحا ، بل بالضرورة فيكون كالنكاح مباحا .
قلت : وهذا كلام رائق ، غير أنه عند السبر مائق ، وهي نبعة باطنية ونزعة باطلية ، وإنما يصح تشريف عباد الرحمن باختصاص الإضافة بعد أن تحلوا بتلك الصفات الحميدة وتخلوا عن نقائض ذلك من الأوصاف الذميمة ، فبدأ في صدر هذه الآيات بصفات التحلي تشريفا لها ، ثم أعقبها بصفات التخلي تقعيدا لها ، والله تعالى أعلم .
وقد تقدم القول على إلا من تاب وعلى قول nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس في سورة النساء .
وفي هذه الآية دليل على أن الكفار مخاطبون بالفروع ، وقد استوفينا ذلك في الأصول ، وفي الآية مباحث تطول .