وقوله : أولئك إذا كان فيهم الرجل الصالح فمات بنوا على قبره مسجدا ، وصوروا تلك الصور ، قال الشيخ : إنما فعل ذلك أوائلهم ليتأنسوا برؤية تلك الصورة ، ويتذكروا بها أحوالهم الصالحة ، فيجتهدون كاجتهادهم ، ويعبدون الله [ ص: 128 ] تعالى عند قبورهم ، فمضت لهم بذلك أزمان ، ثم إنهم خلف من بعدهم خلف جهلوا أغراضهم ، ووسوس لهم الشيطان : أن آباءهم وأجدادهم كانوا يعبدون هذه الصور ويعظمونها ، فعبدوها ، فحذر النبي - صلى الله عليه وسلم - عن مثل ذلك ، وشدد النكير والوعيد على فعل ذلك ، وسد الذرائع المؤدية إلى ذلك ، فقال : nindex.php?page=hadith&LINKID=99787اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ، فلا تتخذوا القبور مساجد ، أي : أنهاكم عن ذلك . وقال : " nindex.php?page=hadith&LINKID=657833لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد " ، وقال : nindex.php?page=hadith&LINKID=707584اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد ، ولهذا بالغ المسلمون في سد الذريعة في قبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فأعلوا حيطان تربته ، وسدوا المداخل إليها ، وجعلوها محدقة بقبره - صلى الله عليه وسلم - ، ثم خافوا أن يتخذ موضع قبره قبلة - إذ كان مستقبل المصلين - ، فتتصور الصلاة إليه بصورة العبادة ، فبنوا جدارين من ركني القبر الشماليين ، وحرفوهما حتى التقيا على زاوية مثلث من ناحية الشمال ، حتى لا يتمكن أحد من استقبال قبره ، ولهذا الذي ذكرناه كله قالت nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة : ولولا ذلك لأبرز قبره .
[ ص: 129 ] تنبيه : وفي هذه الأحاديث ما يستدل به nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك - على صحة القول بسد الذرائع - على nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وغيره من المانعين لذلك ، وهي مستوفاة في الأصول .