( والعزيمة لغة : القصد المؤكد ) قال في القاموس : عزم على الأمر يعزم عزما - ويضم - ومعزما وعزمانا - بالضم - وعزيما وعزيمة وعزمه واعتزمه ، وعليه ، وتعزم أراد فعله ، وقطع عليه أو جد في الأمر ، وعزم الأمر نفسه عزم عليه ، وعلى الرجل : أقسم ، والراقي قرأ العزائم ، أي الرقى . وهي آيات من القرآن تقرأ على ذوي الآفات رجاء البرء ، وأولو العزم من الرسل : الذين عزموا على أمر الله فيما عهد إليهم . وهم :
نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد صلى الله وسلم عليهم أجمعين ( و ) العزيمة ( شرعا ) أي في عرف
[ ص: 150 ] أهل الشرع ( حكم ثابت بدليل شرعي خال عن معارض راجح . فشمل ) الأحكام ( الخمسة ) لأن كل واحد منها حكم ثابت بدليل شرعي . فيكون في الحرام والمكروه على معنى الترك . فيعود المعنى في ترك الحرام إلى الوجوب ، وقوله : بدليل شرعي ، احتراز عن الثابت بدليل عقلي ، فإن ذلك لا يستعمل فيه العزيمة والرخصة .
وقوله : خال عن معارض . احتراز عما يثبت بدليل لكن لذلك الدليل معارض ، مساو أو راجح ; لأنه إن كان المعارض مساويا لزم الوقف وانتفت العزيمة . ووجب طلب المرجح الخارجي ، وإن كان راجحا ، لزم العمل بمقتضاه وانتفت العزيمة ، وثبتت الرخصة كتحريم الميتة عند عدم المخمصة فالتحريم فيها عزيمة ، لأنه حكم ثابت بدليل شرعي خال عن معارض . فإذا وجدت المخمصة حصل المعارض لدليل التحريم ، وهو راجح عليه ، حفظا للنفس ، فجاز الأكل وحصلت الرخصة ( والرخصة لغة : السهولة ) قال في المصباح : يقال : رخص الشارع لنا في كذا ترخيصا . وأرخص إرخاصا : إذا يسره وسهله ، وفلان يترخص في الأمر إذا لم يستقص ، وقضيب رخص أي طري لين ، ورخص البدن - بالضم - رخاصة ورخوصة : إذا نعم ولان ملمسه ، فهو رخيص ( و ) الرخصة ( شرعا : ما ثبت على خلاف دليل شرعي لمعارض راجح ) فقوله : ما ثبت على خلاف دليل شرعي . احتراز عما ثبت على وفق الدليل . فإنه لا يكون رخصة ، بل عزيمة .
كالصوم في الحضر . وقوله : لمعارض راجح . احتراز عما كان لمعارض غير راجح ، بل إما مساو ، فيلزم الوقف على حصول المرجح ، أو قاصر عن مساواة الدليل الشرعي ، فلا يؤثر ، وتبقى العزيمة بحالها . وهذا الذي في المتن ذكره
الطوفي في مختصره .
وقال
الطوفي في شرح مختصره : فلو قبل استباحة المحظور شرعا مع قيام السبب الحاظر . صح وساوى الأول وقال
العسقلاني في شرح مختصر
الطوفي : أجود ما يقال في الرخصة : ثبوت حكم لحالة تقتضيه مخالفة مقتضي دليل يعمها . وهذا الحد
لابن حمدان في المقنع ( ومنها ) أي
من الرخصة ( واجب ) كأكل الميتة للمضطر . فإنه واجب على الصحيح الذي عليه
[ ص: 151 ] الأكثر ; لأنه سبب لإحياء النفس ، وما كان كذلك فهو واجب ، وذلك : لأن النفوس حق لله تعالى ، وهي أمانة عند المكلفين ، فيجب حفظها ليستوفي الله سبحانه وتعالى حقه منها بالعبادات والتكاليف . وقد قال الله سبحانه وتعالى {
ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة } وقال تعالى " {
ولا تقتلوا أنفسكم } ( و )
منها ( مندوب ) كقصر المسافر الصلاة إذا اجتمعت الشروط ، وانتفت الموانع ( و )
منها ( مباح ) كالجمع بين الصلاتين في غير عرفة ومزدلفة . وكذا من
أكره على كلمة الكفر .
وكذا
بيع العرايا للحديث في ذلك . وفهم مما تقدم : أن الرخصة لا تكون محرمة ولا مكروهة ، وهو ظاهر قوله صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=11455إن الله يحب أن تؤتى رخصه } وعلم مما تقدم أن ما خفف عنا من التغليظ الذي على الأمم قبلنا ليس برخصة شرعية ، لكن قد يسمى رخصة مجازا ، بمعنى أنه سهل علينا ما شدد عليهم ، رفقا من الله تعالى ورحمة بنا مع جواز إيجابه علينا ، كما أوجبه عليهم ، لا على معنى أنا استبحنا شيئا من المحرم عليهم مع قيام المحرم في حقنا ، لأنه إنما حرم عليهم لا علينا . فهذا وجه التجوز ، وعدم كون الأول ليس برخصة ، لأنه لم يقم على المنع من ذلك دليل ( والاثنتان ) أي
العزيمة والرخصة ( وصفان للحكم ) لا للفعل فتكون العزيمة بمعنى التأكيد في طلب الشيء ، وتكون الرخصة بمعنى الترخيص .
ومنه قوله صلى الله عليه وسلم {
فاقبلوا رخصة الله } ومنه قول
أم عطية {
nindex.php?page=hadith&LINKID=38782نهينا عن اتباع الجنائز . ولم يعزم علينا } وقيل : هما وصفان للفعل . ثم اختلف القائلون بأنهما وصف للحكم . فقال جمع : هما وصفان للحكم ( الوضعي ) أي فيكونان من خطاب الوضع لا من خطاب التكليف منهم .
الآمدي . وقطع به
ابن حمدان في مقنعه . وقال جمع : للحكم التكليفي لما فيهما من معنى الاقتضاء .