( والعمل به ) أي بخبر الواحد ( جائز عقلا ) عند جماهير العلماء . وخالف فيه قوم منهم
الجبائي ، وأكثر
القدرية ، وبعض
الظاهرية . ولنا أنه لا يلزم منه محال ، وليس احتمال الكذب والخطإ بمانع ، وإلا لمنع في الشاهد والمفتي ، ولا يلزم الوصول لما سبق في إفادته العلم وإلا نقل ، لقضاء العادة فيه بالتواتر ، ولا التعبد في الإخبار عن الله بلا معجزة ; لأن العادة تحيل صدقه بدونها ، ولا التناقض بالتعارض ; لأنه يندفع بالترجيح أو التخيير أو الوقف ; ولأن العمل بخبر الواحد دفع ضرر مظنون فوجب أخذا بالاحتياط ، وقواطع الشرع نادرة فاعتبارها يعطل أكثر الأحكام ، والرسول صلى الله عليه وسلم مبعوث إلى الكافة . ومشافهتهم وإبلاغهم بالتواتر متعذر ، فتعينت الآحاد . والمعتمد في ذلك : أن نصب الشارع علما ظنيا على وجوب فعل تكليفي جائز بالضرورة ، ثم إن المنكر لذلك إن أقر بالشرع وعرف قواعده ومبانيه وافق والله أعلم . والعمل بخبر الواحد من جهة الشرع ( واجب سمعا ) في الأمور الدينية عندنا وعند أكثر العلماء . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي أبو يعلى : يجب عندنا
[ ص: 268 ] سمعا . وقاله عامة الفقهاء
والمتكلمين ، وهو الصحيح المعتمد عند جماهير العلماء من
السلف والخلف ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=12847ابن القاص : لا خلاف بين أهل الفقه في قبول خبر الآحاد . فأصحاب هذا القول اتفقوا على أن الدليل السمعي : دل عليه ، من الكتاب والسنة وعمل الصحابة ورجوعهم ، كما ثبت ذلك بالتواتر ، لكن
الجبائي اعتبر لقبوله شرعا أن يرويه اثنان في جميع طبقاته ، أو يعضد بدليل آخر .
كظهوره وانتشاره في الصحابة ، أو عمل بعضهم به . كحديث
nindex.php?page=showalam&ids=1أبي بكر في توريث الجدة لأنه رد خبر
المغيرة فيه : حتى شهد معه
محمد بن مسلمة ، وكذلك
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رد قول
nindex.php?page=showalam&ids=110أبي موسى في الاستئذان ، حتى وافقه
nindex.php?page=showalam&ids=44أبو سعيد الخدري . والجواب : أنهما فعلا ذلك تثبتا في قضية خاصة . ولذلك حكما في وقائع كثيرة بأخبار الآحاد . واختار
عبد الجبار المعتزلي ، وحكي عن
الجبائي : أنه لا يحد بخبر دال على حد الزنا إلا أن يرويه أربعة ، قياسا على الشهادة به . والجواب : أن هذا قياس مع الفارق ، إذ باب الشهادة أحوط . ولذلك أجمعوا على اشتراط العدد فيه . ومنع قوم من قبول أخبار الآحاد مطلقا ، منهم
ابن أبي داود وبعض
المعتزلة وبعض
القدرية والظاهرية .
وكذلك
الرافضة ، وناقضوا فأثبتوا تصدق
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بخاتمه في الصلاة ونكاح المتعة والنقض بأكل لحم الإبل . وكلها إنما ثبتت بالآحاد . قال
nindex.php?page=showalam&ids=12847ابن القاص : وإنما دفع بعض أهل الكلام خبر الآحاد لعجزه عن السنن رغم أنه لا يقبل منها إلا ما تواتر بخبر من يجوز عليه الغلط والنسيان . وهذا ذريعة إلى إبطال السنن .
فإن ما شرطه لا يكاد يوجد إليه سبيل انتهى . ومنعه المالكية إذا خالفه عمل أهل
المدينة . ومنعه أكثر الحنفية فيما تعم به البلوى ، أو خالفه راويه ، أو عارض القياس ; لأن ما تعم به البلوى - كحديث مس الذكر - تقتضي العادة تواتره ، ولأن ما خالفه راويه يدل على أنه إنما خالفه لدليل أقوى .
ولذلك لم يوجبوا التسبيع في ولوغ الكلب لمخالفة
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة لروايته ، ولأن مخالفة القياس تدل على رجحان كذبه . ولهذا ردوا خبر المصراة لمخالفته لقياس ضمان
[ ص: 269 ] المتلفات . واستدل للجمهور على قبوله بأنه قد كثر جدا قبوله والعمل به في الصحابة والتابعين عملا شائعا من غير نكير يحصل به إجماعهم عليه عادة قطعا . فمنه {
nindex.php?page=hadith&LINKID=46629قول nindex.php?page=showalam&ids=1أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه ، لما جاءته الجدة تطلب ميراثها ما لك في كتاب الله شيء . وما علمت لك في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا . فارجعي حتى أسأل الناس . فسأل الناس ، فقال المغيرة : حضرت رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطاها السدس . فقال : هل معك غيرك ؟ فقال محمد بن مسلمة مثله . فأنفذه لها nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر } رواه
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد وأبو داود
nindex.php?page=showalam&ids=15395والنسائي nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه والترمذي . وقال : حسن صحيح . {
nindex.php?page=hadith&LINKID=46630واستشار nindex.php?page=showalam&ids=2عمر الناس في الجنين . فقال المغيرة قضى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم بغرة عبد أو أمة . فقال : لتأتين بمن يشهد معك . فشهد له محمد بن مسلمة } متفق عليه .
nindex.php?page=showalam&ids=11998ولأبي داود من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=16248طاوس عن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه " لو لم نسمع هذا لقضينا بغيره " ورواه
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وسعيد من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=16248طاوس أنه سأل عن ذلك . فقال
حمل بن مالك {
nindex.php?page=hadith&LINKID=46631إن النبي صلى الله عليه وسلم قضى فيه بغرة } وقول
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر ذلك
nindex.php?page=showalam&ids=16248وطاوس لم يدركه .
وأخذ
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بقول
nindex.php?page=showalam&ids=38عبد الرحمن بن عوف في أخذ الجزية من
المجوس . رواه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري {
nindex.php?page=hadith&LINKID=46632وكان nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه لا يورث المرأة من دية زوجها حتى أخبره الضحاك أن رسول الله كتب إليه أن يورث امرأة أشيم من دية زوجها } رواه
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد nindex.php?page=showalam&ids=11998وأبو داود والترمذي وصححه . وروى هؤلاء " أن
nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان أخذ . بخبر
فريعة بنت مالك أخت
nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد : أن عدة الوفاة في منزل الزوج " وفي
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر أن
nindex.php?page=showalam&ids=37سعدا حدثه {
nindex.php?page=hadith&LINKID=35136أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح على الخفين } . فسأل
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر أباه عنه . فقال : نعم . إذا حدثك
nindex.php?page=showalam&ids=37سعد عن النبي صلى الله عليه وسلم فلا تسأل عنه غيره
" ورجع
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس إلى خبر
nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد في تحريم ربا الفضل . رواه
nindex.php?page=showalam&ids=13665الأثرم وغيره . وروى
سعيد من طرق عدم رجوعه
، وتحول أهل
قباء إلى القبلة وهم في الصلاة بخبر الواحد . رواه
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم nindex.php?page=showalam&ids=11998وأبو داود من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة . ومعناه في الصحيحين من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر .
{
nindex.php?page=hadith&LINKID=46633وقال nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ما كنا نرى بالمزارعة [ ص: 270 ] بأسا ، حتى سمعت nindex.php?page=showalam&ids=46رافع بن خديج يقول : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها فتركتها من أجله }
nindex.php?page=showalam&ids=13790وللشافعي nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=46633عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر كنا نخابر فلا نرى بذلك بأسا فزعم nindex.php?page=showalam&ids=46رافع : أن نبي الله صلى الله عليه وسلم نهى عنه ، فتركناه من أجله }
{
nindex.php?page=hadith&LINKID=46634وكان nindex.php?page=showalam&ids=47زيد بن ثابت يرى أن لا تصدر الحائض حتى تطوف بالبيت . فقال له nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس سل فلانة الأنصارية ، هل أمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك ؟ فأخبرته . فرجع nindex.php?page=showalam&ids=47زيد ، وهو يضحك . فقال nindex.php?page=showalam&ids=11لابن عباس : ما أراك إلا صدقت } رواه
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم وغير ذلك مما يطول . لا يقال : إنها أخبار آحاد فيلزم الدور ; لأنا نقول : بل هي متواترة كما سبق في أخبار الإجماع . وأيضا : تواتر {
أنه عليه أفضل الصلاة والسلام كان يبعث الآحاد إلى النواحي لتبليغ الأحكام ، مع العلم بتكليف المبعوث إليهم العمل بذلك } . لا يقال : هذا من الفتيا للعامي ; لأن الاعتماد على كتبه مع الآحاد إلى الأطراف ، وما يأمر به من قبض زكاة وغير ذلك ، وعمل الصحابة ومن بعدهم وتأسوا به ، وذلك مقطوع به . إذا تقرر هذا ، فهل يعمل به مطلقا ، أو حيث لا طريق إلى العلم غيره ؟ في ذلك وجهان للأصحاب . قال
الشيخ تقي الدين في المسودة قال
nindex.php?page=showalam&ids=11851أبو الخطاب :
الحكم بخبر الواحد عن الرسول صلى الله عليه وسلم لمن يمكنه سؤاله ، مثل الحكم باجتهاده واختياره . يعني : أنه لا يجوز . والذي ذكره بقية أصحابنا
nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي nindex.php?page=showalam&ids=13372وابن عقيل : جواز العمل بخبر الواحد لمن يمكنه سؤاله ، أو أمكنه الرجوع إلى التواتر ، محتجين به في المسألة بمقتضى أنه إجماع . وهذا مثل قول بعض أصحابنا : إنه لا يعمل بقول المؤذن مع إمكان العلم بالوقت . وهذا القول خلاف مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد وسائر العلماء المعتبرين . وخلاف ما شهدت به النصوص . وذكر في مسألة منع التقليد : أن المتمكن من العلم لا يجوز له العدول إلى الظن ، وجعله محل وفاق واحتج به في المسألة ا هـ .