التقسيم الثاني : أن
الألفاظ بالإضافة إلى خصوص المعنى وشموله تنقسم إلى لفظ يدل على عين واحدة ونسميه معينا ، كقولك زيد وهذه الشجرة وهذا الفرس وهذا السواد ، وإلى ما يدل على أشياء كثيرة تتفق في معنى واحد ونسميه مطلقا .
والأول حده اللفظ الذي لا يمكن أن يكون مفهومه إلا ذلك الواحد بعينه فلو قصدت اشتراك غيره فيه منع نفس مفهوم
[ ص: 26 ] اللفظ منه .
وأما المطلق فهو الذي لا يمنع نفس مفهومه من وقع الاشتراك في معناه ، كقولك السواد والحركة والفرس والإنسان . وبالجملة الاسم المفرد في لغة
العرب إذا أدخل عليه الألف واللام للعموم . فإن قلت : وكيف يستقيم هذا وقولك الإله والشمس والأرض لا يدل إلا على شيء واحد مفرد مع دخول الألف واللام ؟ فاعلم أن هذا غلط ، فإن امتناع الشركة ههنا ليس لنفس مفهوم اللفظ بل الذي وضع اللغة لو جوز في الإله عددا لكان وجود هذا اللفظ عاما في الآلهة كلها ، فإن امتنع الشمول لم يكن لوضع اللفظ بل لاستحالة وجود إله ثان ، فلم يكن امتناع الشركة لمفهوم اللفظ .
والمانع في الشمس أن الشمس في الوجود واحدة ، فلو فرضنا عوالم في كل واحد شمس وأرض كان قولنا الشمس والأرض شاملا للكل . فتأمل هذا فإنه مزلة قدم في جملة من الأمور النظرية ، فإن من لا يفرق بين قوله السواد وبين قوله هذا السواد وبين قوله الشمس وبين قوله هذه الشمس عظم سهوه في النظريات من حيث لا يدري .