مسألة : تكليف الناسي والغافل عما يكلف محال
تكليف الناسي والغافل عما يكلف محال ، إذ من لا يفهم ، كيف يقال له افهم
[ ص: 68 ] أما ثبوت الأحكام بأفعاله في النوم والغفلة فلا ينكر كلزوم الغرامات وغيرها ، وكذلك تكليف السكران الذي لا يعقل محال كتكليف الساهي والمجنون والذي يسمع ولا يفهم ، بل السكران أسوأ حالا من النائم الذي يمكن تنبيهه ومن المجنون الذي يفهم كثيرا من الكلام .
وأما نفوذ طلاقه ولزوم الغرم فذلك من قبيل ربط الأحكام بالأسباب ، وذلك مما لا ينكر . فإن قيل : فقد قال الله تعالى {
لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى } وهذا خطاب للسكران . قلنا : إذا ثبت بالبرهان استحالة خطابه وجب تأويل الآية ، ولها تأويلان
أحدهما : أنه خطاب مع المنتشي الذي ظهر فيه مبادئ النشاط والطرب ولم يزل عقله ، فإنه قد يستحسن من اللعب والانبساط ما لا يستحسنه قبل ذلك ولكنه عاقل ، وقوله تعالى : {
حتى تعلموا ما تقولون } معناه حتى تتبينوا ويتكامل فيكم ثباتكم ، كما يقال للغضبان : اصبر حتى تعلم ما تقول ، أي حتى يسكن غضبك فيكمل علمك ، وإن كان أصل عقله باقيا ; وهذا لأنه لا يشتغل بالصلاة مثل هذا السكران وقد يعسر عليه تصحيح مخارج الحروف وتمام الخشوع
الثاني أنه ورد الخطاب به في ابتداء الإسلام قبل تحريم الخمر ، وليس المراد المنع من الصلاة بل المنع من إفراط الشرب في وقت الصلاة ، كما يقال : لا تقرب التهجد وأنت شبعان ، ومعناه لا تشبع فيثقل عليك التهجد .