فصل [
أخطاء القياسيين ]
وأما أصحاب الرأي والقياس فإنهم لما لم يعتنوا بالنصوص ولم يعتقدوها وافية بالأحكام ولا شاملة لها وغلاتهم على أنها لم تف بعشر معشارها فوسعوا طرق الرأي والقياس ، وقالوا بقياس الشبه ، وعلقوا الأحكام بأوصاف لا يعلم أن الشارع علقها بها ، واستنبطوا عللا لا يعلم أن الشارع شرع الأحكام لأجلها ، ثم اضطرهم ذلك إلى أن عارضوا بين كثير من النصوص والقياس ، ثم اضطربوا فتارة يقدمون القياس ، وتارة يقدمون النص ، وتارة يفرقون بين النص المشهور وغير المشهور ، واضطرهم ذلك أيضا إلى أن اعتقدوا في كثير من الأحكام أنها شرعت على خلاف القياس ، فكان خطؤهم من خمسة أوجه : أحدها : ظنهم قصور النصوص عن بيان جميع الحوادث .
الثاني : معارضة كثير من النصوص بالرأي والقياس . الثالث : اعتقادهم في كثير من أحكام الشريعة أنها على خلاف الميزان والقياس ، والميزان هو العدل ، فظنوا أن العدل خلاف ما جاءت به من هذه الأحكام . الرابع : اعتبارهم عللا وأوصافا لم يعلم اعتبار الشارع لها وإلغاؤهم عللا وأوصافا اعتبرها الشارع كما تقدم بيانه . الخامس : تناقضهم في نفس القياس كما تقدم أيضا .