[ ص: 103 ] الكلام في شروطه [
شروط حكم الأصل ]
أحدها : أن يكون الحكم الذي أريد تعديته إلى الفرع ثابتا في الأصل ، فإنه لو لم يكن ثابتا فيه بأن لم يشرع فيه ابتداء أو شرع لكن نسخ لم يمكن بناء حكم الفرع عليه . ومن فروع هذا الشرط أنه لا يقاس على حكم منسوخ في ذلك الحكم ، لأن المقصود من القياس إثبات مثل حكم القياس في الفرع ، فإذا كان الحكم غير ثابت بالشرع استحال أن يثبت له مثل بالقياس ، لأن نسخ الحكم يبين عدم اعتبار الشرع للوصف الجامع حينئذ ، وتعدية الحكم فرع على اعتباره .
واعلم أنه قد مر في باب النسخ عن الحنفية إنه إذا نسخ حكم الأصل يبقى حكم الفرع ، لكن حيث كان الأصل معمولا به ، ثم رأيت هذا الجمع لشارح " اللمع " فقال : المذكور في النسخ هو فيما إذا وقع نسخ الأصل بعد جريان القياس عليه والمذكور في القياس أن نقيس على أصل بعد النسخ في محل النسخ ، كما نقيس على وجوب صوم عاشوراء بعد نسخه وجوب صوم يوم ، بخلاف قياس صوم رمضان على عاشوراء في عدم افتقاره إلى النية ، فإن من سلم وجوبه ابتداء وسلم عدم افتقاره إلى التبييت لم يبعد أن يستشهد به على رمضان ، فإن المنسوخ الوجوب ، وليس القياس في
[ ص: 104 ] الوجوب ، ولكنه في عدم دلالة الوجوب إلى الافتقار إلى النية . قال
ابن دقيق العيد : نعم هنا إشكال في شيء ، وهو أن يكون الحكم ثابتا ويلزمه من اللوازم التي لا يلزم ارتفاعها بارتفاع خصوص ذلك الحكم ، فهل يجوز القياس على ذلك اللازم أم لا ؟ مثاله صحة صوم عاشوراء إذا كان واجبا على تقدير تسليم ذلك بنية نهارية ، فإذا نسخ عاشوراء بخصوصه لم يلزم منه نسخ اللازم وهو صحة الصوم الواجب بنية نهارية ، فهل يجوز أن يقاس عليه صوم رمضان الواجب فيصح بنية نهارية ؟ فيه نظر . انتهى .
ثانيها : أن يكون الحكم شرعيا ليخرج الحكم العقلي واللغوي ، فإنا بتقدير أن يجري القياس التمثيلي فيهما : قياسا شرعيا بل عقليا ولغويا ، وكلامنا في القياس الشرعي .