[ ص: 119 ] ثامنها :
أن لا يكون معدولا به عن قاعدة القياس ، لأن إثبات القياس معه إثبات الحكم مع منافيه ، وهو المعني بقول الفقهاء : الخارج عن القياس لا يقاس عليه . وهذا إطلاق مجمل وسيأتي تحقيقه . وممن ذكر هذا الشرط من المتأخرين
الآمدي والرازي وأتباعهما ، لكن أطلق
ابن برهان أن مذهب أصحابنا جواز القياس على ما عدل فيه عن سنن القياس ، ومثله بما زاد على أرش الموضحة تحمله العاقلة ، وما دونه هل تحمله العاقلة أم لا ؟ فعندنا : تحمله قياسا على أرشها ، وعند
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة : لا تحمله . وهكذا حكى
إلكيا عن أصحاب
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة أنهم أطلقوا أقوالهم بأن القياس لا يجري في المعدول به عن القياس قال : وهذا فيه تفصيل عندنا فذكره وسيأتي ، والجواز هنا قضية ما سبق من جريان القياس في الحدود والكفارات والرخص . وقال في " القواطع " : يجوز القياس على أصل مخالف في نفسه الأصول بعد أن يكون ذلك ورد الشرع به ودل عليه الدليل ، والمحكي عن أصحاب
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة أنهم منعوه ، وقد ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=15071الكرخي ومنع جوازه إلا بإحدى خلال :
أحدها : أن يكون ما ورد بخلاف الأصول قد نص على علته كقوله عليه السلام {
nindex.php?page=hadith&LINKID=46791إنها من الطوافين } لأن النص على العلة كالتصريح بوجوب القياس عليه .
[ ص: 120 ]
ثانيها : أن تكون الأمة مجمعة على تعليل ما ورد به الخبر وإن اختلفوا في علته .
ثالثها : أن يكون الحكم الذي ورد به الخبر موافقا للقياس على بعض الأصول وإن كان مخالفا للقياس على أصل آخر كالخبر الوارد بالتحالف في المتبايعين إذا تبايعا ، فإنه يخالف قياس الأصول ، ويقاس عليه الإجارة ، لأنه يوافق بعض الأصول ، وهو أن ما يملك على الغير فالقول قوله بيمينه في أنه أي شيء ملك عليه ، وقالوا إذا كان في الشرع أصل ينتج القياس وأصل يحظره ، وكان الأصل جواز القياس وجب القياس ، وقالوا أيضا : يجوز القياس على الأصل المخصوص إذا لم يفصل بينه وبين المخصوص ، فيكون حكمه حكم ما خص من جملة القياس كجماع الناسي وأكله .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16974ابن شجاع البلخي من أصحابهم : إذا كان الخبر الوارد بخلاف القياس غير مقطوع به لم يجز القياس ، فاقتضى قوله هذا إذا كان الخبر مقطوعا به جاز القياس عليه . لنا أن ما ورد به الخبر أصل يجب العمل به ، فجاز أن يستنبط منه معنى ويقاس عليه دليله إذا لم يكن مخالفا للأصول ، لأنه لما ورد فيه الخبر صار أصلا في نفسه ، فالقياس عليه كالقياس على باقي الأصول .
[ ص: 121 ] قال
ابن السمعاني : وقد يمنع التعليل بنص كلام الشارع على الاقتصار كقوله تعالى : {
خالصة لك } وقوله صلى الله عليه وسلم
nindex.php?page=showalam&ids=177لأبي بردة : {
ولن يجزئ عن أحد بعدك } وقوله : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=611أحلت لي ساعة من نهار } ، فإذا امتنع النص على القياس امتنعا . وكذلك لو فرض إجماع على هذا النحو كالاتفاق على أن المريض لا يقصر ، وإن ساوى المسافر في الفطر ، وقد قال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رحمه الله في بعض كتبه : ولا يقاس على المخصوص ، ويجوز أن يتأول فيقال : إنه أراد به في الموضع الذي لا يمكن القياس فيه . والأصل
فيما يجوز القياس عليه وما لا يجوز أن ينظر في المخصوص ويمتحن ، فإن كان يتعدى قيس عليه ، كقياس الخنزير على الكلب في الولوغ ، وقياس خف الحديد على الأدم بالمسح عليه . وإن لم يوجد في المخصوص وصف يمكن القياس عليه امتنع القياس كالجنين لا يقاس عليه الشخص الملفوف في الثوب ، لأنه لا معنى في الجنين يقاس عليه الملفوف . أ هـ .