[ ص: 186 ] الثاني عشر :
أن لا يتأخر ثبوتها عن ثبوت الأصل ، خلافا لقوم . كما يقال فيما أصابه عرق الكلب : أصابه عرق حيوان نجس فيكون نجسا كلعابه ، فيمنع كون عرق الكلب نجسا ، فيقال : لأنه مستقذر ، فإن استقذاره إنما يحصل بعد الحكم بنجاسته ، فكان كما يعلل سلب الولاية عن الصغيرة بالجنون العارض للولي ، لنا : لو تأخرت العلة - بمعنى ( الباعث ) عن الحكم - لثبت الحكم بغير باعث ، وهو محال . وإن جعلنا العلة بمعنى ( الأمارة ) لزم تعريف المعرف . وحكى
nindex.php?page=showalam&ids=16392الأستاذ أبو منصور عن بعض أصحابنا تجويز كون وصف العلة متأخرا عن حكمها ، فاعتل في إسقاط الزكاة عن الخيل بالاختلاف في جواز أكله ، قياسا على الحمير قال : وهذا اعتلال باطل ، لأن الخلاف في إباحة لحوم الخيل إنما حدث بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ، والزكاة فيما فيه الزكاة إنما وجبت في حياته ، وكذلك سقوطها عما سقطت عنه الزكاة كان في حياته ، فكيف يكون علة سقوطها عن شيء متأخرة عن سقوطها عنه .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14960القاضي عبد الوهاب في " الملخص " : اختلفوا في
العلة المتأخرة عن الحكم هل يجوز أن يكون ؟ فقال قوم من أهل
العراق : يجوز ، وعللوا طهارة جلد الكلب بالدباغ كالكلب قال : ومنهم من منع ذلك ; وهو قولنا وقول أكثر أصحاب يكن له دليل لم يجز ، قال
الصفي الهندي : المشهور أنه لا يجوز
تعليل الحكم بعلة متأخرة عنه في الوجود ، وقيل بجوازه ، وهو الحق إن أريد بالعلة العرف ، لأنه يمتنع تأخير المعرف . فإن أريد بها " الموجب والباعث " فلا . لكن قد تقدم أنه لا يجوز تعليل حكم الأصل بالأمارة ، فحينئذ يلزم أن لا يجوز تعليل حكم الأصل بالعلة المتأخرة عنه
[ ص: 187 ]
في الوجود ، لكان لا لكونها متأخرة بل لكونها لا يجوز أن تكون معرفة ، وأما في غيره فيجوز .