صفحة جزء
[ المسلك ] الثاني النص على العلة

قال الشافعي رضي الله عنه : متى وجدنا في كلام الشارع ما يدل على نصبه أدلة أو أعلاما ابتدرنا إليه ، وهو أولى ما يسلك . ثم المشهور أن إلحاق المسكوت عنه بالعلة المنصوصة قياس ، وقال ابن فورك : ليس قياسا ، وإنما هو استمساك بنص لفظ الشارع ، فإن لفظ التعليل إذا لم يقبل التأويل عن كل ما تجري العلة فيه كان المتعلق به مستدلا بلفظ ناص في العموم ، حكاه في البرهان عند الكلام على مراتب الأقيسة . واعلم أن التعليل معنى من المعاني ، وأصله أن تدل عليه الحروف كبقية المعاني ، لكن تدل الأسماء والأفعال على الحروف ، في إفادة المعاني . فمن حروف التعليل : كي ، واللام ، وإذن ، ومن ، والباء ، والفاء ، ومن أسمائه : أجل ، وجراء ، وعلة ، وسبب ، ومقتضى ، ونحو ذلك ، ومن أفعاله : عللت بكذا ، ونظرت كذا بكذا . ثم قد يدل السياق في الدلالة على العلية ، كما دل على غير العلية . وقد يكون محتملا فيعين السياق أحد المحتملين . وقد خلط المصنفون الشروط بالعلل ، وعمدوا إلى أمثلة يتلقى التعليل فيها من شيء فظنوه يتلقى من شيء [ ص: 238 ] آخر ، وربما التبس عليهم موضوع الحروف لكونها مشتركة فظنوه للتعليل في محل ليس هو فيه للتعليل ، كتمثيلهم التعليل بالفاء بقوله تعالى : { والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما } وليس كذلك فيما سيأتي تحقيقه .

التالي السابق


الخدمات العلمية