القسم الثاني :
وهو المنتشر ، بأن لا يدور بين النفي والإثبات أو دار ولكن كان الدليل على نفي علية ما عدا الوصف المعين فيه ظنا ، فاختلفوا فيه على مذاهب :
الأول : أنه ليس بحجة مطلقا ، لا في القطعيات ولا في الظنيات ، وحكاه في البرهان عن بعض
الأصوليين .
الثاني : أنه حجة في العمليات فقط لأنه يثير غلبة الظن ، واختاره
إمام الحرمين وابن برهان ، وقال
الهندي : إنه الصحيح . ومثل
ابن برهان استعماله في القطعي هنا بقول أصحابنا : الله سبحانه يرى لأنه موجود ، وكل موجود يصح أن يرى . وفي الظني بقولهم : الإيلاء إما أن يكون طلاقا أو يمينا ، فإذا بطل أن يكون طلاقا ثبت أنه يمين . فإن قيل : يجوز أن يكون لا طلاقا ولا يمينا وله حكم آخر . قلنا : نحن لا نمنع أن يكون له في الشرع حكم آخر فلا يكون طلاقا ولا يمينا ، ولكن الذي يغلب على ظننا هو هذا القدر ، والمقصود إظهار غلبة الظن ، وهي حاصلة . ( انتهى ) .
والثالث : أنه حجة للناظر دون المناظر ، واختاره
الآمدي ، وقال
إمام الحرمين في الأساليب : بقيد تضمن إبطال مذهب الخصم دون تصحيح مذهب المستدل ، إذ لا يمنع أن يقال : ما أبطلته باطل ، وما اخترته باطل ، والحكم في الأصل الذي وقع البحث فيه غير معقول المعنى ، فلا يصلح السبر لإثبات معنى الأصل ، وإنما يصلح لإبطال مذهب الخصم . وحكى
القاضي ابن العربي في القبس قولا آخر أنه دليل قطعي ، وعزاه
للشيخ أبي الحسن nindex.php?page=showalam&ids=14958والقاضي وسائر الأصحاب .
[ ص: 287 ] قال : وهو الصحيح فقد نطق به القرآن ضمنا وتصريحا في مواضع كثيرة ، فمن الضمن قوله : {
وقالوا ما في بطون هذه الأنعام } إلى قوله : {
حكيم عليم } ، ومن التصريح قوله : {
ثمانية أزواج } إلى قوله : {
الظالمين } .