الثالث -
عدم العكس وهو وجود الحكم بدون الوصف في صورة أخرى بعلة أخرى
، كاستدلال الحنفي على منع تقديم أذان الصبح بقوله : صلاة لا تقصر فلا يجوز تقديم أذانها على وقتها ، كالمغرب ، فنقول : هذا الوصف لا ينعكس ، لأن الحكم الذي هو منع تقديم الأذان على الوقت موجود فيما قصر من الصلوات بعلة أخرى . وعد هذا من القوادح مبني على مسألتين :
[ ص: 356 ]
إحداهما : أن العكس هل هو شرط في العلة ؟ وفيه خلاف سبق .
والثانية : امتناع تعليل الحكم الواحد بالنوع بعلتين ، لأن النوع باق فيه . فإن جوزناه - وهو المختار - لم يقدح ، فإن العلل الشرعية يخلف بعضها بعضا .
قال
إمام الحرمين : إذا قلنا : إن اجتماع العلل على معلول واحد غير واقع " أي كما هو اختياره " فالعكس لازم ما لم يثبت الحكم عند انتفاء العلة بتوقيف . لكن لا يلزم المستدل بيانه . بخلاف ما ألزمناه مثله في النقض ، لأن ذاك داع إلى الانتشار . وسببه أن إشعار النفي بالنفي منحط عن إشعار الثبوت بالثبوت ، ولهذا لو فرضنا عللا لكان إشعار كل واحدة بنفي الحكم كإشعار جزء العلة بالحكم ، لا كإشعار العلة المستقلة به ، وزوالها لزوال الترجيح . والذي أبطل العلة إذا امتنع الطرد بتوقيف لا يبطلها إذا امتنع العكس بتوقيف ، فليتلمح الطالب تفاوت المراتب ، وقال
الآمدي : لا يرد سؤال العكس إلا أن يتفق المناظران على اتحاد العلة .