صفحة جزء
مسألة

لا يشترط في الفارق أن يكون معنى ، بل يجوز أن يكون حكما شرعيا ، كما قاله إمام الحرمين ، كقوله : من صح طلاقه صح ظهاره كالمسلم . فإذا وقع الفرق على هذه الصفة والعلة قبل ووقع الكلام في الترجيح وتقريب الأشباه إن كان القياس معنويا وإن جرى الفارق على صفة إلحاق حكم بحكم . فهذا من الفارق محاولة معارضة المعنى بالشبه ، فلا يقبل ، لأن أدنى معاني المناسبة يقدم على أجلى الأشباه . وقال غيره : هل يجوز الفرق بالنص ؟ قولان ; كقول عائشة رضي الله عنها : { كنا نؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة } .

قيل : والخلاف يتنزل على حالين : فإن كان المراد الفرق القياسي المتضمن الوصف المناسب فقد لا يحصل بالنص ، لجواز كونه بعيدا ، كقولنا : ما الفرق بين السبع والكلب والشاة حتى كان نجسا محرم البيع وهي طاهرة جائزة البيع ؟ فيقال : الشرع منع بيع الكلب وأجاز بيع الشاة ، ونحن نعلم أن لا تناسب . [ ص: 391 ] ولو عكس لوجب اتباعه وأراد به مطلق الفرق وهو التخيير بين حكم الصورتين بدليل حصل لحصول ذلك منه ولجمعها . وأعني الفرق النصي والقياسي ، ويكون النصي تابعا للقياسي ، كحديث عائشة رضي الله عنها ، فإن فيه النظر المذكور والمعنى المناسب وهو حصول المشقة في قضاء الصلاة

قلت : وقد قال الخصم للشافعي في فرقه بين ما تحت الإزار وفوقه في تحريم المباشرة في الحيض : هل تجد بينهما فرقا سوى الخبر ؟ فقال الشافعي : أي فرق أحسن من الخبر ؟ ، وهذا يدل على أن الفرق بالنص عنده مقبول في مقام المناظرة وحكى ذلك عن الشيخ أبي محمد الجويني رحمه الله .

التالي السابق


الخدمات العلمية