ثم
اختلف المثبتون في وقوع الأسماء الشرعية أنه هل وقع النقل فيها مطلقا سواء تعلقت بأصول الدين كالإيمان أو فروعه أو إنما وقع في فروعه فقط ؟ فذهب
المعتزلة إلى الأول إلا أنهم فرقوا بينهما في التسمية ، فخصوا اللفظ المتعلق بالفروع بالشرعي ،
[ ص: 21 ] وبالأصول بالديني ، وذهب غيرهم إلى أن النقل إنما وقع في فروع الشريعة فقط ، وهو رأي جماعة كثيرة منهم
nindex.php?page=showalam&ids=11815الشيخ أبو إسحاق الشيرازي في " شرح اللمع "
وابن الصباغ ، فعلم من هذا أن الفرعية محل وفاق ، وإنما الخلاف في الدينية ، ومنهم من عكس فحكى الخلاف في الشرعية والقطع بالمنع في الدينية ، وهو قضية كلام
ابن السمعاني ، فإنه قال في " القواطع " : وصورة الخلاف في الصلاة والزكاة والحج والعمرة ونحو ذلك ، والمشهور : الأول .
والحاصل : أن من الناس من نفى النقل مطلقا في الدينية والشرعية
nindex.php?page=showalam&ids=14958كالقاضي ، ومن أثبته مطلقا
كالمعتزلة ، ومن فرق بين الدينية والشرعية ، فأثبت الشرعية ونفى الدينية ، وهو المختار ، ولم يقل أحد بعكسه ،
nindex.php?page=showalam&ids=14958فالقاضي يقول : إنها مقرة على حقائقها في اللغة لم تنقل ولم يزد فيها ، وبعض الفقهاء يقول : كذلك زيد في الاعتداد بمدلولاتها أمور أخرى .
والإمام الرازي يقول : إنها مقرة على مجازاتها اللغوية ،
والمعتزلة يقولون : نقلت عن معانيها اللغوية نقلا بالكلية إلى معان أخرى شرعية من غير مراعاة النقل إلى المجاز اللغوي ،
وإمام الحرمين والغزالي يقولان : استعملها الشارع مجازات ثم اشتهرت فصارت حقائق شرعية ، لغلبتها فيما نقلت إليه ، وهو قريب من مذهب
الرازي ، ولهذا نقل
الهندي عن هؤلاء الثلاث أنهم أثبتوا من المنقولات الشرعية ما كان لغويا كما في الحقائق العرفية دون ما ليس كذلك ، بأن كان منقولا عنها بالكلية ، وهو مخالف للقولين الأوليين ، أما الأول : فظاهر ; لأن
القاضي نفى النقل جملة ، وأما
[ ص: 22 ] مذهب
المعتزلة فإنهم لم يشترطوا في النقل أن يكون المنقول إليه مجازا لغويا . وقال
ابن برهان : عندنا أن هذه الألفاظ مجازات بالنسبة إلى وضع اللغة ، فإنه أفيد بها ما لم يوضع له ، وهي حقائق بالنسبة إلى وضع الشرع ، فإنه لم يضعها إلا لتلك المعاني ، ويجوز أن يكون اللفظ الواحد حقيقة ومجازا باعتبارين . وتوقف
الآمدي في المسألة فلم يختر شيئا .