مسألة [
صعوبة الحد ] ادعى
nindex.php?page=showalam&ids=13251ابن سينا أن الحدود في غاية الصعوبة . وذلك ; لأنه يفتقر إلى
[ ص: 131 ] معرفة الماهيات المختلفة تفصيلا حتى يعلم القدر المشترك بين الأشياء المشتركة في شيء واحد من الماهية ، والقدر الذي به ينفصل كل واحدة منها عن الأخرى ، ولا شك في صعوبة معرفتها على هذا الوجه ، وبه يضعف تركيب الحدود الحقيقية للأمور الموجودة في الخارج المطابقة لها . وناقضه
أبو البركات البغدادي في كتابه " المعتبر " فقال : الحدود في غاية السهولة ; لأن الحدود هي حدود الأسماء ، والأسماء أسماء الأمور المعقولة ، وكل أمر معقول فلا بد وأن يعقل أن كمال المشترك أيش هو ؟ وكمال جزء الماهية أيش هو ؟ فكان الحد سهلا من هذا الوجه ، وبهذا الطريق يلج
الإمام فخر الدين في المضايق ، ويمنع كون الحد هو الدال على حقيقة الشيء ، بل هو تفصيل ما دل اللفظ عليه إجمالا ، وقال في " الملخص " : الإنصاف أنه إن كان الغرض المقصود منه تفصيل مدلول الاسم كان سهلا ، وإن كان الغرض معرفة الماهيات الموجودة كان ذلك في غاية الصعوبة . فحصل من هذا أن الحدود الكاشفة للماهيات الموجودة ليست عبارة عن تفصيل ما دل اللفظ عليه إجمالا ، بل الحد : هو القول الدال على ماهية الشيء . وصنف
ابن دقيق العيد رسالة بين فيها صعوبة الحد .
[ ص: 132 ] وقال
العبدري في " شرح المستصفى " : العلة في عسر حد بعض المدركات هو أن أصل العلوم العقلية كلها الحواس ، فإذا قوي الحس على إدراك أمر مما اتضحت فصوله الذاتية عند العقل فأدرك حقيقة ماهيته ساغ له حده ، وإذا ضعف الحس عن إدراك شيء مما خفيت فصوله الذاتية عن العقل ، فلم يدرك حقيقته وماهيته لم يقدر على حده ، ومن ذلك الروائح والطعوم لما ضعف الحس عن إدراكها عسر حدها ، وقال
ابن تيمية : عسر الحد مبني على اعتقادهم أن المراد بالحد تصوره ، وليس كذلك ، وأصل غلطهم أنه اشتبه عليهم ما في الأذهان بما في الأعيان ، فإن هذه الأمور قائمة بصورة الإنسان سواء طابق أم لا ، وليس هو تابعا للحقائق في نفسها .