تنبيه [ الخفاء ]
هل يعتبر الخفاء بالنسبة إلى الحاد أو إلى كل أحد ؟ مثاله النفس أخفى من النار ، فلو فرض أن شخصا عرف نفسه أجلى من النار ، فهل تحد له النار بأنها جسم كالنفس ؟ مقتضى كلامهم المنع ، والظاهر : الجواز . ومنها : أنه لا يكون مركبا على اختلاف وتفصيل ، فعند المنطقيين لا بد في الحد من التركيب ، ومنعه
المتكلمون منهم
إمام الحرمين ، ونقله عن كثير من
المتكلمين . قال : وإليه يميل شيخنا
nindex.php?page=showalam&ids=13711أبو الحسن . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14960القاضي عبد الوهاب في " الإفادة " : الصحيح : جوازه ، ومن منعه اعتبره بالعلة ، وهو فاسد ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16392الأستاذ أبو منصور : اختلف أصحابنا في
تركيب الحد من وصفين فأكثر . فمنع
nindex.php?page=showalam&ids=13711الشيخ أبو الحسن الأشعري الجمع بين معنيين في حد واحد إذا أمكن إفراد أحد المعنيين عن الآخر ، ولهذا اختار في حد الجسم أنه الطويل العريض العميق ، واختار الباقون من أصحابنا تركيب الحد من وصفين وأكثر ، وهو الصحيح عندنا .
[ ص: 146 ] وزعمت
الفلاسفة أن الحد لا يكون إلا مركبا من جنس وفصل . وزعموا أن ما اطرد بوصف واحد وانعكس فهو رسم لا حد ، ولهذا قالوا : إن قولنا : الإنسان هو الضاحك رسم ، وقولهم : الإنسان حي ناطق مائت حد ; لأنه مركب من جنس وفصل . انتهى .
واعلم أنه ليس المراد بمنع التركيب تكليف المسئول أن يأتي في حد ما يسأل عنه بعبارة واحدة ، إذ المقصود اتحاد المعنى بدون اللفظ ، والعبارات لا تقصد لأنفسها ، وليست هي حدودا بل منبئة عن الحدود . { تنبيه } ظاهر كلام
الأستاذ أن خلاف المتكلمين والمنطقيين في مسألة واحدة .
وقال
المقترح : لم يتوارد كلامهما على محل واحد . بل المرادان متغايران ، فمراد المنطقيين بالتركيب هو المركب من جنس وفصل ، وهو صحيح في الحد ، والتركيب الذي أراده الأصوليون هو تداخل الحقائق ، وهو مبطل للمحدود . مثاله : إذا حد العلم بأنه الذي يصح من المتصف به إحكام الفعل وإتقانه ، فيقال : هذا فيه تركيب ; لأنه يدخل فيه القدرة والإرادة ، فتكون القدرة والإرادة علما ; ولأنه إن كانت القدرة والإرادة داخلتين في العلم لزم التركيب المفسد للحد ، وإن كانتا خارجتين عن العلم ، فالعلم بانفراده لا يصح به الإحكام ; لأن العالم العاجز لا يتصور منه الإحكام ; لأنه غير قادر .