مسألة
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رحمه الله :
الخطاب في العموم والخصوص على أربعة أوجه :
أحدها : خطاب عام اللفظ والمعنى ، كقوله تعالى : {
الله خالق كل شيء } قال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ( رحمه الله ) في " الرسالة " فهذا عام لا خاص . واعترض
ابن داود عليه فقال : كيف عد هذه الآية في العمومات التي لم يدخلها التخصيص ، والله تعالى شيء بدليل قوله تعالى : {
قل أي شيء أكبر شهادة قل الله } .
ورد
ابن سريج عليه ، وقال : أما علمت أن المخاطب لا يدخل تحت الخطاب ؟ وقال في كتاب " الإعذار والإنذار "
لابن داود : وأما ما عرض به من قوله : {
قل أي شيء أكبر شهادة } وأي ضرورة دعته إلى هذا ؟ وكيف يحتمل العموم ما أومأ إليه ؟ وقد بدأ الله بنفسه ، فأخبر بقوله : {
الله خالق كل شيء }
[ ص: 332 ] وهل تحتمل الأوهام في المخاطبة ما أومأ إليه ؟ ولولا أن القلوب لا تطيق الكلام ، لكان عليه فيه كلام كثير . ويقول : إن الآية تخرج عامة في مذاهب جميع الناس ، لأنه لما كان ما عرض به في الله محالا خارجا عن الوهم علم أن الخطاب إنما يخرج على ما يعقل ويتوهم دون ما لا يعقل ولا يتوهم ، فإذا لم يخرج على ما لا يتوهم لم يدخل في ذلك عموم ولا خصوص .
ثم قال بعد شيء مما ذكره في دفع ما أورده
ابن داود مما يستحيل اندراجه في الصفات : قد أومأنا إلى جمل وكرهنا التفسير ، لأن
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وأصحابه بعده يكرهون الخوض في هذا ، انتهى .
وقال
الصيرفي في " شرح الرسالة " : اعترض
ابن داود nindex.php?page=showalam&ids=17299ويحيى بن أكثم على
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في قوله في قول الله تعالى : {
الله خالق كل شيء } إنه عام ، وجهلوا الصواب ، وذهبوا عن اللغة ، وذلك لو أن رجلا من كبار أهل
بغداد قال : أطعمت أهل
بغداد جميعا لم يكن داخلا فيهم ، ولم تقل له : خرجت أنت بخصوص ، وإنما العموم في المطعمين سواه لأنه هو المطعم لهم . قال : وفي الآية دليلان :
أحدهما : أنه لا خالق سواه .
وثانيهما : أن ما سواه مخلوق ، وينبغي أن يعلم أن الخطاب عام فيما سواه . قال : ولا شك أن لفظة " شيء " لا تطلق على الله ، وإن شملت الموجودات لغة واصطلاحا ، وسند المنع كون الأسماء توقيفية ، ولأن لفظة شيء مأخوذة من شاء . والشاء من المحدث الذي ليس بقديم ، والله تعالى قديم فلا يصدق فيه ذلك .
الثاني : خطاب خاص اللفظ والمعنى كقوله : {
يا أيها النبي قل [ ص: 333 ] لأزواجك } الآية فهذا مختص به عليه السلام ، لأنه لا يجب على أحد التخيير .
الثالث : خطاب خاص اللفظ عام المعنى ، كقوله تعالى : {
وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم } الآية الخطاب معه ، والمراد به الأمة ، بدليل قوله : {
وقد نزل عليكم في الكتاب } ولم ينزل في الكتاب إلا هذه الآية وقوله تعالى : {
لئن أشركت ليحبطن عملك } وقوله : {
ولا تكن للخائنين خصيما } قال
الأستاذ أبو إسحاق : ولا يصار إلى ذلك إلا بدليل غير الخطاب ، وأنكر
nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم في " الإحكام " وجود هذا القسم ، وقال ليس موجودا في اللغة ، وهو محجوب بما ذكرنا .
الرابع : خطاب عام اللفظ ، والمراد به الخصوص ، وهذا اختلف فيه ، والأكثرون على جوازه ، كقوله تعالى : {
الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم } فإن المراد بالناس الأول :
نعيم بن مسعود أو أربعة نفر كما قال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في " الرسالة " . قال
nindex.php?page=showalam&ids=15071الكرخي : وهو مجاز لا حقيقة وإذا خاطب بذلك فلا بد أن يدلنا على مراده به . وهل يجب مقارنة الدليل الخطاب ، أو يجوز تأخيره عنه ؟ فيه القولان .
وذهب بعض الأصوليين إلى إنكار هذا القسم ، لأن الموجب للخصوص بمنزلة الاستثناء المتصل بالجملة ، ولا يجوز في قوله تعالى : {
فلبث فيهم [ ص: 334 ] ألف سنة إلا خمسين عاما } أن هذه الصيغة مراد بها ألف سنة كاملة .
واعلم أن جماعة أطلقوا الخلاف في هذه المسألة : منهم صاحب المحصول ، وخصه
nindex.php?page=showalam&ids=11976الشيخ أبو حامد ،
nindex.php?page=showalam&ids=11815والشيخ أبو إسحاق ،
وسليم الرازي في " التقريب " ،
وابن السمعاني في " القواطع " ،
والقاضي عبد الوهاب ، وصاحب المعتمد في " الأحكام " وغيرهم بالخبر ولم ينقلوا الخلاف في الأمر والنهي ، بل جعلوه محل وفاق ، كالنسخ ، وهو الظاهر ، فإن المانع هنا في الخبر قياس التخصيص على النسخ ، كما قاله
القاضي عبد الوهاب ، والظاهر أن المخالف يمنع تسميته عاما مخصوصا ، ويقول : إنه عام أريد به الخصوص ، وحينئذ فلا ينتهض الاستدلال عليه بما ذكروه من الآيات المخصصة ، وهو قوي . ومن هنا قال بعضهم : يشترط في التخصيص وروده في الإنشاءات لا في الأخبار ، فإنه لا يكون فيها عام مخصوص ، بل عام أريد به الخصوص .