مسألة [ إذا
تردد اللفظ بين المسمى العرفي واللغوي أيهما يقدم ؟ ]
إذا تردد اللفظ بين المسمى العرفي واللغوي ، قدم العرفي المطرد ، ثم اللغوي . كذا قاله الأصوليون . ويخالفه قول الفقهاء : ما ليس له حد في الشرع ، ولا في اللغة ، يرجع فيه إلى العرف . فإنه صريح في تأخير العرف عن اللغة . وجمع بينهما بوجوه : منها : عدم ورودهما على محل واحد ، فكلام الفقهاء في الضوابط ، وهي في اللغة أضبط ، فتقدم اللغة بالنسبة إليها ، وكلام الأصوليين في أصل المعنى ، وهو في العرف أظهر ، فيقدم بالنسبة إليه .
ومنها : أن كلام الأصوليين في اللفظ الصادر من الشارع ينظر فيه إلى عرفه ، وهو الشرعي ، ثم عرف الناس ، لأن الظاهر أنه يخاطبهم بما
[ ص: 87 ] يتعارفونه ، ثم اللغوي ، وكلام الفقهاء في الصادر من غيره ، ولهذا قال
الرافعي في باب الطلاق : إذا تعارض المدلول اللغوي والعرفي فكلام الأصحاب يميل إلى اعتبار الوضع ،
والإمام ،
والغزالي يريان اتباع العرف ، وصحح الأول لأن العرف لا يكاد ينضبط .
ومنها : قال
الشيخ علاء الدين الباجي : مراد الأصوليين العرف الكائن في زمنه عليه السلام . ومراد الفقهاء غيره .
قلت : ويظهر أن مراد الأصوليين ما إذا تعارض معناه في اللغة والعرف يقدم العرف . ومراد الفقهاء ما إذا لم يعرف حده في اللغة ، فإنا نرجع فيه إلى العرف ، ألا ترى إلى قولهم ليس له حد في اللغة ، ولم يقولوا : ليس له معنى . .