[ ص: 107 ] المسألة ] الحادية عشرة
كل ما يحتاج إلى [ تأخير البيان ] من عام ، ومجمل ، ومجاز ، ومشترك ، وفعل متردد ، ومطلق لتأخير بيانه حالان : الأول : أن يؤخر عن وقت الحاجة ، وهو الوقت الذي إن أخر البيان عنه لم يتمكن المكلف من المعرفة بما تضمنه الخطاب ، وذلك كل ما كان واجبا على الفور ، كالإيمان ، ورد المغصوب ، والودائع ، لأن الإتيان بالشيء مع عدم العلم به ممتنع بناء على منع تكليف ما لا يطاق ، ومن جوزه أجازه ، لكن لا يقع . ولهذا نقل إجماع أرباب الشرائع على امتناعه . والتعبير بالحاجة لم يستحسنه
الأستاذ أبو إسحاق . وقال : هي عبارة تليق بمذهب
المعتزلة القائلين بأن بالمؤمنين حاجة إلى التكليف . قال : فالعبارة الصحيحة على مذهبنا أن يقال : تأخير البيان عن وقت وجوب الفعل بالخطاب . انتهى . وهي مشاحة لفظية ، وقد عرف أن المعني بالحاجة كما قال
إمام الحرمين : توجه الطلب . وتردد بعضهم : هل معنى التأخير عن وقت الحاجة تأخيره عن زمن يمكن فيه الفعل إلى زمن آخر ممكن ؟ أو معناه تأخيره إلى وقت لا يمكن فيه الفعل كالظهر مثلا ، هل يجب بيانها بمجرد دخول الوقت أو لا يجب إلا إذا ضاق وقتها ؟ ا هـ . والمراد الثاني كما بيناه أولا ، وبه صرح
أبو الحسين في " المعتمد " وغيره .
وقال
ابن السمعاني : لا خلاف بين الأمة في امتناع تأخير البيان عن وقت الحاجة إلى الفعل ، ولا خلاف في جوازه إلى وقت الفعل ، لأن المكلف قد يؤخر النظر ، وقد يخطئ إذا نظر ، فهذان الضربان لا خلاف فيهما .
[ ص: 108 ]
الحال الثاني : أن يؤخر عن وقت ورود الخطاب إلى وقت الحاجة إلى الفعل ، وهو كل ما لم يكن وجوبه على الفور كالحج وغيره ، وهو إما أن يكون لا ظاهر له كالأسماء المتواطئة والمشتركة ، أو له ظاهر وقد استعمل في خلافه ، كتأخير بيان التخصيص ، وتأخير بيان النسخ ، وتأخير بيان الأسماء الشرعية إذا استعملت في غير المسميات الشرعية ، كالصلاة مرادا بها الدعاء ونحوه .