القاعدة الرابعة
النذر ، هل يسلك به مسلك الواجب ، أو الجائز ؟ قولان : والترجيح مختلف في الفروع : فمنها :
نذر الصلاة ، والأصح فيه الأول ; فيلزمه ركعتان . ولا يجوز القعود مع القدرة ولا فعلهما على الراحلة ، ولا يجمع بينها وبين فرض ، أو نذر آخر بتيمم .
ولو
نذر بعض ركعة ، أو سجدة : لم ينعقد نذره ، على الأصح ، في الجميع . ومنها :
نذر الصوم ، والأصح فيه : الأول . فيجب التثبيت ، ولا يجزي إمساك بعض يوم ، ولا ينعقد نذر بعض يوم .
ومنها :
إذا نذر الخطبة في الاستسقاء ، ونحوه ، والأصح فيها : الأول ، حتى يجب فيها القيام عند القدرة .
ومنها :
نذر أن يكسو يتيما ، والأصح فيه : الأول ، فلا يخرج عن نذره بيتيم ذمي .
ومنها :
نذر الأضحية ، والأصح فيها : الأول فيشترط فيها السن ، والسلامة من العيوب
ومنها :
نذر الهدي ، ولم يسم شيئا ، والأصح فيه : الأول ، فلا يجزئ إلا ما يجزئ في الهدي الشرعي ، ويجب إيصاله إلى
الحرم .
[ ص: 165 ] ومنها : الحج ، والأصح فيه : الأول ، فلو نذره معضوب ، لم يجز أن يستنيب صبيا أو عبدا ، أو سفيها بعد الحجر ، لم يجز للولي منعه .
ومنها :
نذر إتيان المسجد الحرام ، والأصح فيه : الأول ، فلزم إتيانه بحج ، أو عمرة .
ومنها :
الأكل من المنذورة ، والأصح فيه : أنه إن كان في معينة ، فله الأكل ، أو في الذمة فلا .
ومنها : العتق ، والأصح فيه : الثاني ، فيجزئ عتق كافر ، ومعيب .
ومنها : لو
نذر أن يصلي ركعتين ، فصلى أربعا بتسليمة بتشهد ، أو تشهدين ، والأصح : فيه : الثاني ، فيجزيه .
ومنها :
لو نذر أربع ركعات ، فأداها بتسليمتين ، والأصح فيه : الثاني ، فتجزيه .
قال في زوائد الروضة : والفرق بينهما وبين سائر المسائل المخرجة على الأصل غلبة وقوع الصلاة ، وزيادة فضلها .
ومنها :
نذر القربات التي لم توضع لتكون عبادة ، وإنما هي أعمال ، وأخلاق مستحسنة ، رغب الشرع فيها ، لعموم فائدتها ، كعيادة المريض ، وإفشاء السلام ، وزيارة القادمين ، وتشميت العاطس ، وتشييع الجنائز ، والأصح فيها : الثاني ، فتلزم بالنذر ، وعلى مقابله : لا تلزم لأن هذه الأمور لا يجب جنسها بالشرع .
ومنها :
لو نذر صوم يوم معين ، والأصح فيه الثاني ، فلا يثبت له خواص رمضان من الكفارة بالجماع فيه ، ووجوب الإمساك لو أفطر فيه ، وعدم قبول صوم آخر من قضاء ، أو كفارة ، بل لو صامه عن قضاء أو كفارة : صح .
وفي التهذيب وجه : أنه لا ينعقد ، كأيام رمضان .
ومنها :
نذر الصلاة قاعدا ، الأصح فيه الثاني : فلا يلزمه القيام عند القدرة :
قال
الإمام : وقد جزم الأصحاب فيما لو قال : علي أن أصلي ركعة واحدة بأنه لا يلزمه إلا ركعة ، ولم يخرجوه على الخلاف ، وتكلفوا بينهما فرقا .
قال ولا فرق ، فيجب تنزيله ، على الخلاف .
ومثله :
لو أصبح ممسكا ، فنذر الصوم يومه ففي لزوم الوفاء قولان بناء على الأصل المذكور ، فإنه بالإضافة إلى واجب الشرع بمنزلة الركعة بالإضافة إلى أقل واجب الصلاة . قال
الإمام : والذي أراه اللزوم ، وأقره
الشيخان ، فعلى هذا يكون المصحح فيه الثاني
ومنها :
إذا نذر صوم الدهر فلزمته كفارة ، والأصح فيه : الثاني . فيصوم عنها ويفدي عن النذر وعلى الآخر : لا . بل هو كالعاجز عن جميع الخصال .
ومما يصلح أن يعد من فروع القاعدة :
لو نذر الطواف لم يجزه إلا سبعة أشواط ، ولا يكفي طوفة واحدة ، وإن كان يجوز التطوع بها كما ذكر في الخادم : تنزيلا لها منزلة الركعة لا السجدة منها .
[ ص: 166 ] ومما سلك بالنذر فيه مسلك الجائز : الطواف المنذور ، فإنه تجب فيه النية ، كما تجب في النفل ، ولا تجب في الفرض لشمول نية الحج والعمرة له ، وهذا المعنى منتف في النفل والنذر
ولو نذر صلاة : لم يؤذن لها ، ولا يقيم . ولم يحكوا فيه خلافا ، وكأن السبب فيه أن الأذان حق الوقت على الجديد ، وحق المكتوبة على القديم ، وحق الجماعة على رأيه ، في الإملاء والثلاثة منتفية في المنذورة .
على أن صاحب الذخائر قال : إن المنذورة يؤذن لها ويقيم إذا قلنا : سلك بالمنذور واجب الشرع لكن قال في شرح المهذب : إنه غلط منه وأن الأصحاب اتفقوا على خلافه ، وخرج النذر عن الفرض والنفل معا ، في صورة ، وهي : ما
إذا نذر القراءة ، فإنه تجب نيتها ، كما نقله
القمولي في الجواهر ، مع أن قراءة النفل لا نية لها ، وكذا القراءة المفروضة في الصلاة .