المسألة الخامسة في الاستقرار
يستقر الملك في المبيع ، ونحوه ، من المسلم فيه ، والمصالح عليه ، والصداق المعين بالتسليم .
وتستقر الأجرة في الإجارة : بالاستيفاء ، وبقبض العين المستأجرة ، وإمساكها حتى مضت مدة الإجارة أو مدة إمكان السير إلى الموضع الذي استأجر للركوب إليه وإن لم ينتفع .
وسواء إجارة العين والذمة . وتستقر في الإجارة الفاسدة : أجرة المثل بذلك . قال الأصحاب : ويستقر الصداق بواحد من شيئين : الوطء ، والموت . وأورد في المهمات عليهم : أنه لا بد من القبض في المعين أيضا ; لأن المشهور أن
الصداق قبل القبض مضمون ضمان عقد ، كالبيع ، فكما قالوا : إن المبيع قبل القبض ، غير مستقر وإن كان الثمن قد قبض : فكذلك الصداق .
وأجيب : بأن المراد بالاستقرار هنا : الأمن من سقوط المهر ، أو بعضه بالتشطر .
وفي المبيع : الأمن من الانفساخ .
فالمبيع : إذا تلف . انفسخ البيع .
والصداق المعين ، إذا تلف قبل القبض : لم يسقط المهر ، بل يجب بدل البضع ، فاقترن البابان . ذكره الشيخ
ولي الدين في نكته . وقال القاضي
جلال الدين البلقيني : لم يبين الأصحاب معنى
الاستقرار في باب الصداق ، حتى خفي معناه على بعض المتأخرين ، فما ورد عليهم أنه لا بد من قبض المعين .
[ ص: 326 ] وليس الأمر كذلك ; فإن معنى الاستقرار في الصداق : عينا كان ، أو دينا . الأمن من تشطره بالفراق قبل الدخول ، ومن سقوطه كله بالفرقة من جهتها قبله . وهذا الاستقرار يكون في الصداق المعين ، والذي في الذمة ، وجميع
الديون التي في الذمة بعد لزومها وقبض المقابل لها : مستقرة إلا دينا واحدا : هو دين السلم فإنه وإن كان لازما فهو غير مستقر وإنما كان غير مستقر ; لأنه بصدد أن يطرأ انقطاع المسلم فيه .
فينفسخ العقد ، فمعنى
الاستقرار في الديون اللازمة من الجانبين : الأمن من فسخ العقد ، بسبب تعذر حصول الدين المذكور ; لعدم وجود جنسه : وامتناع الاعتياض عنه . وذلك مخصوص بدين السلم : دون بقية الديون . وأما
دين الثمن بعد قبض المبيع ، فإنه أمن فيه الفسخ المذكور ، وإن تعذر حصوله بانقطاع جنسه جاز الاعتياض عنه ، وكذا الفسخ بسبب رد بعيب ، أو إقالة ، أو تحالف ا هـ .