القول في الأداء والقضاء والإعادة والتعجيل : العبادة : إن لم يكن لها وقت محدود الطرفين لم توصف بأداء ولا قضاء ولا تعجيل ، كالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ورد المغصوب والتوبة من الذنوب ، وإن أثم المؤخر لها عن المبادرة إليه فلو تداركه بعد ذلك لا يسمى قضاء . وإن كان : فإما أن يقع في الوقت أو قبله أو بعده .
والثاني : التعجيل .
والثالث : القضاء . والأول : إن لم يسبق بفعلها مرة أخرى ، فالأداء وإلا فالإعادة .
ما يوصف بالأداء والقضاء وما لا فيه فروع الأول الوضوء والغسل : يوصفان بالأداء وتردد
nindex.php?page=showalam&ids=11872القاضي أبو الطيب في وصفهما بالقضاء ولم يقف
ابن الرفعة على نقل في ذلك فقال : يمكن وصف الوضوء بالقضاء تبعا للصلاة وصوره : بما إذا خرج الوقت ولم يتوضأ ولم يصل فلو توضأ بعد الوقت سمي قضاء ويقوي ذلك إذا قلنا يجب الوضوء بدخول الوقت .
[ ص: 396 ]
قيل : وفائدة ذلك تظهر في
لابس خف أحدث ولم يمسح ; وخرج وقت الصلاة ، ثم سافر ، صار الوضوء قضاء عن المسح الواجب في الحضر ، فلا يمسح إلا مسح مقيم ، كما قاله
أبو إسحاق لمن
فاتته صلاة في الحضر ، فقضاها في السفر فإنه يتم ، والجمهور منعوا ذلك وقالوا : يمسح ثلاثا ، وفرقوا بأن الوضوء لم يستقر في الذمة بخلاف الصلاة وعلى هذا فالمراد بأداء الوضوء : الإيقاع ، لا المقابل للقضاء الثاني
الأذان ، هل يوصف بالأداء أو القضاء ؟ لم أر من تعرض له وينبغي أن يقال : إن قلنا الأذان للوقت ، ففعله بعده للمقضية قضاء ، فيوصف بهما وإن قلنا : للصلاة ، وهو القديم المعتمد فلا الثالث والرابع والخامس الصلوات الخمس ، وصوم رمضان ، والحج والعمرة ، كلها توصف بالأداء والقضاء .
فإن قيل : وقت الحج والعمرة ، العمر كله فكيف يوصف بالقضاء إذا شرع فيه ، ثم أفسده ؟ فالجواب : أنه تضيق بالشروع فيه .
ونظيره قول
nindex.php?page=showalam&ids=14958القاضي حسين والمتولي والروياني :
لو أفسد الصلاة صارت قضاء وإن أوقعها في الوقت ; لأن الخروج منها لا يجوز ، فيلزم فوات وقت الإحرام بها ، نقله
الإسنوي ساكتا عليه ، لكن ضعفه
البلقيني وقال : يلزم عليه أنه لو وقع ذلك في الجمعة لم تعد لأنها لا تقضى وذلك ممنوع السادس النوافل المؤقتة ، كلها توصف بهما السابع :
صلاة الجمعة توصف بالأداء ، لا بالقضاء الثامن :
الصلاة التي لها سبب لا توصف بالقضاء [ ص: 397 ] التاسع : صلاة الجنازة ، لم أر من تعرض لها والظاهر أنها توصف بالأداء ، وبالقضاء إذا دفن قبلها فصلي على القبر ، لأنها لو كانت حينئذ أداء لم يحرم التأخير إليه وهو حرام فدل على أن لها وقتا محدودا العاشر : الرمي :
إذا ترك رمي يوم ، تداركه في باقي الأيام وهل هو أداء أو قضاء ؟ فيه قولان أحدهما : قضاء ، لمجاوزته الوقت المضروب له وأظهرهما : أداء لأن صحته مؤقتة بوقت محدود ، والقضاء : ليس كذلك . وعلى هذا : لا يجوز تداركه ليلا ، ولا قبل الزوال ، لأنه لم يشرع في ذلك الوقت رمي . ويجوز
تأخير رمي يوم ويومين ، ليفعله مع ما بعده ، وتقديم اليوم الثاني والثالث مع اليوم الأول ، ويجب الترتيب بين المتروك ورمي اليوم .
وعلى الأول : يكون الأمر بخلاف ذلك . هكذا فرع
الرافعي وجزم في الشرح الصغير بتصحيحه ، أعني منع التدارك ليلا وقبل الزوال ، وجواز التقديم والتأخير
وصحح
النووي : الجواز ليلا ، وقبل الزوال ومنع التقديم ، وعدم وجوب الترتيب إذا تداركه قبل الزوال الحادي عشر : كفارة المظاهر تصير قضاء إذا جامع قبل إخراجها ، نص عليه
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي .
الثاني عشر :
زكاة الفطر ، إذا أخرها عن يوم العيد ، صارت قضاء .
والحاصل : أن
ما له وقت محدود ، يوصف بالأداء والقضاء إلا الجمعة ، وما لا فلا .
ومن هنا علم فساد قول صاحب المعاياة : كل صلاة تفوت في زمن الحيض لا تقضى إلا في مسألة وهي : ركعتا الطواف لأنها لا تتكرر ، بخلاف سائر الصلوات لأن ذلك لا يسمى قضاء ; إذ القضاء : إنما يدخل المؤقت ، وهاتان الركعتان لا يفوتان أبدا مادام حيا . نعم يتصور قضاؤهما في صورة الحج عن الميت - إن سلم أيضا - أن فعلهما يسمى قضاء .
[ ص: 398 ]
تنبيه :
من المشكل قول الأصحاب :
يدخل وقت الرواتب قبل الفرض بدخول وقت الفرض وبعده بفعله ، ويخرج النوعان بخروج وقت الفرض .
ووجه الإشكال : الحكم على الراتبة البعدية بخروج وقتها بخروج وقت الفرض .
وذلك شامل لما إذا فعل الفرض ، ولما إذا لم يفعل ، مع أن الوقت في الصورة الثانية لم يدخل بعد ، فكيف يقال بخروجه وبصيرورتها قضاء ؟
وأقرب ما يجاب به أن يقال : إن وقتها يدخل بوقت الفرض وفعله شرط لصحتها .