صفحة جزء
ونشأ من ذلك قاعدة رابعة :

هي " إذا تعارض مفسدتان روعي أعظمهما ضررا بارتكاب أخفهما " .

ونظيرها : قاعدة خامسة ، وهي " درء المفاسد أولى من جلب المصالح " فإذا تعارض مفسدة ومصلحة ; قدم دفع المفسدة غالبا ، لأن اعتناء الشارع بالمنهيات أشد من اعتنائه بالمأمورات ، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم { إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم ، وإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه } .

ومن ثم سومح في ترك بعض الواجبات بأدنى مشقة كالقيام في الصلاة ، والفطر .

والطهارة ولم يسامح في الإقدام على المنهيات : وخصوصا الكبائر .

ومن فروع ذلك : [ ص: 88 ] المبالغة في المضمضة والاستنشاق مسنونة . وتكره للصائم .

تخليل الشعر سنة في الطهارة ، ويكره للمحرم .

وقد يراعى المصلحة ، لغلبتها على المفسدة .

من ذلك : الصلاة ، مع اختلال شرط من شروطها من الطهارة ، والستر ، والاستقبال فإن في كل ذلك مفسدة ; لما فيه من الإخلال بجلال الله في أن لا يناجى إلا على أكمل الأحوال ، ومتى تعذر شيء من ذلك جازت الصلاة بدونه ، تقديما لمصلحة الصلاة على هذه المفسدة .

ومنه : الكذب مفسدة محرمة ومتى تضمن جلب مصلحة تربو عليه جاز : كالكذب للإصلاح بين الناس ، وعلى الزوجة لإصلاحها .

وهذا النوع راجع إلى ارتكاب أخف المفسدتين في الحقيقة .

التالي السابق


الخدمات العلمية