( القاعدة السادسة والأربعون ) : في
العقود الفاسدة هل هي منعقدة أو لا ؟ وهي نوعان :
أحدهما : العقود الجائزة كالشركة والمضاربة والوكالة .
وقد ذكرنا آنفا أن إفسادها لا يمنع نفوذ التصرف فيها بالإذن لكن أحدية تزول بفسادها فلا يصدق عليها أسماء العقود الصحيحة إلا مقيدة بالفساد .
وصرح
nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي في خلافه بأنه لو حلف على الشركة الفاسدة من أصلها أنها شركة حنث قال ويمنع من التصرف فيها والمنع من
[ ص: 66 ] التصرف مع القول بنفوذه وبقاء الإذن مشكل لا سيما وقد قرر أن العامل يستحق المسمى .
والنوع الثاني : العقود اللازمة فما كان منها لا يتمكن العبد من الخروج منه بقوله كالإحرام فهو منعقد لأنه لا سبيل إلى التخلص منه إلا بإتمامه أو الإحصار عنه ، وما كان العبد متمكنا من الخروج منه بقوله فهو منقسم إلى قسمين :
أحدهما : ما يترتب عليه حكم مبني على التغليب والسراية والنفوذ فهو منعقد وهو النكاح والكتابة يترتب عليهما الطلاق والعتق فلقوتهما ونفوذهما انعقد العقد المختص بهما ونفذ فيه وتبعهما أحكام كثيرة من أحكام العقد ففي النكاح يجب المهر بالعقد حتى لو طلقها قبل الدخول لزمه نصف المهر على وجه ويستقر بالخلوة وتعتد فيه من حين الفرقة لا من حين الوطء وتعتد للوفاة فيه قبل الطلاق وفي الكتابة تستتبع الأولاد والأكساب .
والثاني : ما لا يترتب عليه ذلك كالبيع والإجارة فالمعروف من المذهب أنه غير منعقد ويترتب عليه أحكام الغصب وخرج
nindex.php?page=showalam&ids=11851أبو الخطاب في انتصاره صحة التصرف في البيع الفاسد من النكاح واعترضه
أحمد الحربي في تعليقه وقال النكاح الفاسد منعقد فلهذا صح التصرف فيه بخلاف البيع ولكن
nindex.php?page=showalam&ids=11851أبو الخطاب قد لا يسلم انعقاد النكاح الفاسد ولا غيره لأنه يرى أن المجامع يحل من إحرامه وأن الطلاق في النكاح الفاسد إنما يقع ممن يعتقد صحته فمن هنا حسن عنده هذا التخريج إذ البيع والنكاح في هذا على حد واحد وأبدى
nindex.php?page=showalam&ids=13372ابن عقيل في عمده احتمالا بنفوذ الإقالة في البيع الفاسد كالطلاق في النكاح الفاسد قال ويفيد ذلك أن حكم الحاكم بعد الإقالة بصحة العقد لا يؤثر .
وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=13372ابن عقيل وغيره وجهين في نفوذ العتق في البيع الفاسد كالطلاق في النكاح الفاسد وفرق بينهما على أحد الوجهين بأن الطلاق يسقط به حق نفسه فنفذ بخلاف العتق فإنه يسقط به حق غيره وهو البائع وهذا كله يشعر بانعقاد البيع وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=13372ابن عقيل في فصوله احتمالين فيما إذا قال لغيره بعد نداء الجمعة أعتق عبدك عني وعلي ثمنه ففعل هل ينفذ عتقه عن نفسه أو عن الآمر له ولكن هذا عقد موضوع للعتق والملك تابع [ له ] فهو كالكتابة بخلاف البيع . فإن قيل : فهلا قلتم إن صحة التصرف في البيع الفاسد مستند إلى الإذن كما في العقود الجائزة إذا فسدت ، قيل : ذلك لا يصح لوجهين :
( أحدهما ) أن البيع وضع لنقل الملك لا للإذن وصحة التصرف فيه تستفاد من الملك لا من الإذن بخلاف الوكالة فإنها كصاد للإذن ، يوضحه أن الموكل أذن لوكيله أن يتصرف له وقد فعل ما أمره والبائع إنما أذن للمشتري في التصرف لنفسه بالملك ولا ملك ههنا .
( والثاني ) : أن الإذن في البيع مشروط بسلامة عوضه فإذا لم يسلم العوض انتفى الإذن والوكالة إذن مطلق بغير شرط .