الجوارح كالألسن والشفاه والأفواه والبطون والأنوف والعيون والآذان والوجوه والأيدي والأرجل والركب والأصابع والأنامل والفروج وغيرها .
[ ص: 224 ] فأما
اللسان فيتعلق به من الواجبات والمندوبات والمحرمات والمكروهات ما لا يتعلق بغيره من الجوارح والأركان ، بل يتعلق به من ذلك ما يتعلق بالجنان كالإكراه على الكبائر كلها والصغائر بأسرها ، والأمر بكل منكر والنهي عن كل معروف ، والقذف وتكذيب من لا يجوز تكذيبه وتصديق من لا يجوز تصديقه ، والكفر وشهادة الزور ، والحكم بالباطل والسحر ، والهجو ، وكل كلمة محرمة : كالغيبة والنميمة والطعن في الأنساب والتفاخر بالأحساب والنياحة .
وكذلك يتعلق به الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر ، وتصديق من يجب تصديقه وتكذيب من يجب تكذيبه ، والأمر بكل معروف والنهي عن كل منكر ، والشهادة بالحق ، والحكم بالقسط وأمر الأئمة بما يأمرون به وتعليم العلوم الشرعية ، والعبادات المرضية ، والفتاوى والأحكام ، وزجر المفسدين ، وإرشاد الضالين ، وتعليم الجاهلين ، والثناء على رب العالمين بجميع أوصافه المذكورة والدعاء إليه ، فلا أحد أحسن قولا ممن دعا إلى الله وكذلك يتعلق به الاستغفار ، والدعاء ، والوعظ والتذكير ، والإقامة والأذان وقراءة القرآن ، وغير ذلك : كتشميت العاطس وحمدلته ، والسلام ورده وإجابة المؤذن والمقيم .
وقد قال
لقمان عليه السلام في ذلك : ليس في الإنسان أحسن من مضغتين وأفسد من مضغتين وهما : القلب واللسان ، وصدق فيما قاله لامتيازهما بما ذكرناه من الأحكام عن سائر الجوارح والأركان .
وكذلك يتعلق باللسان الكف عن كل قبيح من الكفر فما دونه من أنواع الفسوق والعصيان المتعلقة باللسان كما يتعلق به الأمر من محاسن الكلام .
وليس للجنان في مثل هذا كله إلا القصد إليه والعزم عليه مع إخلاصه لله عز وجل ، إثم المعاصي أعظم من إثم
[ ص: 225 ] قصدها ، كما أن
أجر الطاعات أعظم من أجر قصدها ، فإن من هم بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة واحدة ، وإن عملها كتبت له عشرا .
وأما قوله عليه السلام : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=38797نية المؤمن خير من عمله } ، ففيه وجهان : أحدهما أن أجر النية المجردة عن العمل خير من العمل المجرد عن النية .
الوجه الثاني : ما روي {
nindex.php?page=hadith&LINKID=8448أنه عليه السلام وعد على حفر بئر بأجر فنوى عثمان رضي الله عنه أن يحفرها فسبقه إلى حفرها يهودي فقال صلى الله عليه وسلم : نية المؤمن خير من عمله } ، أي نية
عثمان خير من حفر اليهودي البئر ، فإن
عثمان يؤجر على نية الحفر وإن لم يحفر ، ولا أجر لليهودي بحفره لإحباطه بيهوديته .
وأما
الشفاه فإنها معينة على الكلام فيتعلق بها من الأحكام ما يتعلق بإتمام الكلام المأمور به والمنهي عنه ، وكذلك يتعلق بها التقبيل المحرم والمأمور به ، كتقبيل الأجنبيات وتقبيل الحجر الأسود .