وأما
ما لم يظهر من المحظورات فليس للمحتسب أن يتجسس عنها ولا أن يهتك الأستار حذرا من الاستتار بها ، قال النبي عليه الصلاة والسلام : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=35305من أتى من هذه القاذورات شيئا فليستتر بستر الله ، فإنه من يبد لنا صفحته نقم حد الله تعالى عليه } .
فإن غلب على الظن استسرار قوم بها لأمارات دلت ، وآثار ظهرت فذلك ضربان : أحدهما : أن يكون ذلك في انتهاك حرمة يفوت استدراكها ، مثل أن يخبره من يثق بصدقه أن رجلا خلا بامرأة ليزني بها أو برجل ليقتله ، فيجوز له في مثل هذه الحالة أن يتجسس ويقدم على الكشف والبحث حذارا من فوات ما لا يستدرك من انتهاك المحارم وارتكاب المحظورات ، وهكذا لو عرف ذلك قوم من المتطوعة جاز لهم الإقدام على الكشف ، والبحث في ذلك ، والإنكار .
كالذي كان من شأن
nindex.php?page=showalam&ids=19المغيرة بن شعبة . فقد روي أنه كان تختلف إليه
بالبصرة امرأة من
بني هلال يقال لها
أم جميل بنت محجن بن الأفقم وكان لها زوج من
ثقيف يقال له
الحجاج بن عبيد ، فبلغ ذلك
أبا بكر بن مسروح وسهل بن معبد ونافع بن الحارث وزياد بن عبيد فرصدوه حتى إذا دخلت عليه هجموا عليهما وكان من أمرهم في الشهادة عليه عند
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه ما هو مشهور فلم ينكر عليهم
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه هجومهم .
وإن كان حدهم القذف عند قصور الشهادة .
والضرب الثاني ما خرج عن هذا الحد وقصر عن حد هذه الرتبة ، فلا يجوز التجسس عليه ولا كشف الأستار عنه .
حكي أن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه : دخل على قوم يتعاقرون على شراب ويوقدون في أخصاص فقال : نهيتكم عن المعاقرة فعاقرتم ونهيتكم عن الإيقاد في الأخصاص فأوقدتم ، فقالوا : يا أمير المؤمنين قد نهاك الله عن التجسس فتجسست ونهاك عن الدخول بغير إذن فدخلت ، فقال
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه :
[ ص: 315 ] هاتان بهاتين وانصرف ولم يتعرض لهم .
فمن سمع أصواتا ملأة منكرة من دار تظاهر أهلها بأصواتهم أنكرها خارج الدار ولم يهجم عليه بالدخول ; لأن المنكر ظاهر وليس عليه أن يكشف عما سواه من الباطن .