المسألة الرابعة:
الوصية بنوع من ماله، مثل:الوصية بغنمه، أو سياراته، أو نخيله:
الأمر الأول: اشتراط وجوده عند الوصية.
يشترط وجود الموصى به يوم الموت بالاتفاق، وإن هلك أو مات قبله فإن الوصية تبطل فيه; لفوات عينه، وتعذر تنفيذ الوصية فيه، ولا تنفذ في غيره من المال الذي لم يوص فيه; وقوفا مع لفظ الموصي.
سواء كان الهلاك قبل الموت أو بعده; لأنه إذا كان الهلاك قبله، فالوصية لا تستحق إلا بالموت ولا موصى به عنده، وإن كان بعد الموت فلأن التركة في يد الورثة أمانة غير مضمونة ; لأنه حصل التلف بغير تعد ولا تفريط، والأمين لا ضمان عليه إلا أن يتعدوا بعد الموت فيلزمهم الضمان، كما أنه إذا كان الهلاك بتعد من أجنبي بعد الموت; فإن الوصية تنتقل إلى بدل الموصى به من قيمته أو مثله; لأن الوصية تملك بعد الموت فمن أتلفها فعليه غرمها; لقوله تعالى:
فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم .
وقد اختلف العلماء - رحمهم الله - في اشتراط وجود الموصى به وقت الوصية على أقوال:
القول الأول: أنه لا يشترط وجوده في ملك الموصي يوم الوصية، الوصية صحيحة إذا ملك ذلك بعد الوصية قبل الموت.
[ ص: 198 ] وبه قال
الشافعية ،
والحنابلة .
وحجته: أن العبرة بيوم الموت.
القول الثاني: اشتراط وجوده يوم الوصية، ولا يكفي وجوده بعدها قبل الموت، فإذا أوصى بغنمه ولا غنم له، ثم ملك ذلك ومات وهي في ملكه فإن الموصى له لا حق فيها.
وهو مذهب
الحنفية ، وهو مقتضى قول
المالكية ، وقول
الظاهرية .
وحجته: بطلان الوصية حين إنشائها، وما وقع باطلا لا يمكن تصحيحه.
وأما بالنسبة لاستخلاف مثله في حال هلاكه أو بيعه، فإن هناك قولين:
فقيل: إن الوصية تتعلق بنوع الموصى به لا بشخصه، فإذا هلك ما كان موجودا أو باعه وامتلك مثله، فإن الوصية تتعلق به ويقضى به للموصى له.
وقيل: تختص بعين الموجود يوم الوصية، فإذا استبدله بمثله فلا حق للموصى له في البدل.