الشرط الثامن عشر: أن لا يفلس الأب.
صورة ذلك: أن يهب الأب هبة لولده، ثم يحكم القاضي بتفليس الأب فهل يملك الوالد الرجوع فيما وهبه لولده بعد الحكم بتفليسه أو لا يملك ذلك; لأن التفليس يفيت عليه الفسخ؟.
القول الأول: أن الأب يملك الرجوع.
وهو مقتضى قول
الحنفية، والشافعية، والحنابلة.
أما
الحنفية: فلأن
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبا حنيفة لا يرى صحة الحجر على المفلس كما سبق أن عرفنا.
وأما
الشافعية: فلأنهم يرون كراهة رجوع الأب فيما وهبه لابنه إلا عند الحاجة، ولا شك أن الأب عند الإعسار حاجته آكد وأبين.
وأما
الحنابلة: فلأن المذهب عندهم هو جواز
رجوع الأب فيما وهبه لولده مشروط بشروط، وتلك الشروط متوفرة في هذه الصورة، فالعين باقية
[ ص: 164 ] على ملك الولد وتحت تصرفه على حالها من غير زيادة متصلة ولم تتعلق بها رغبات الناس، وما دامت تلك الشروط متوفرة فلا مانع من الرجوع.
وحجته:
1- حديث
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس -رضي الله عنهما- وفيه قوله صلى الله عليه وسلم:
nindex.php?page=hadith&LINKID=67389 "لا يحل لواهب أن يرجع فيما وهبه إلا الوالد".
ففيه جواز رجوع الأب فيما وهبه لولده الذي سبق ذكره.
2- حاجة الأب لإبراء ذمته.
القول الثاني: أن الحكم بتفليس الأب يمنع الأب من الرجوع.
وبه قال
المالكية.
وحجته: أن الأب إنما جاز له اعتصار الهبة من ولده لنفسه، ولم يجز له اعتصارها لغيره; فإذا رجع فيها في حال التفليس لم يصح ذلك; لأنه إنما يرجع فيها للغرماء لا لمصلحة نفسه، فلا يصح رجوعه.
ونوقش: بأنه يرجع فيها لمصلحته ولمصلحة الغرماء أيضا; فإن تخليصه من ورطة الدين مصلحة له، وإبراء لذمته، وإذا تحقق أن في رجوعه مصلحة له اتجه ضعف ما بنى عليه أصحاب هذا الرأي قولهم.
الترجيح:
يتبين من خلال ما سبق من عرض الأقوال وأدلتها في هذه المسألة: أن الراجح فيها: هو القول بجواز رجوع الأب على ولده ولو فلس الأب; وذلك
[ ص: 165 ] لعموم أدلة جواز رجوع الأب فيما وهبه لولده، ولشدة حاجة الوالد في حال التفليس لما يخلصه من ورطة المطالبة.