الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        معلومات الكتاب

        الجامع لأحكام الوقف والهبات والوصايا

        خالد المشيقح - أ.د/ خالد بن علي بن محمد المشيقح

        صفحة جزء
        المبحث الثاني: شروط صحة الرجوع

        وفيه مطلبان:

        المطلب الأول: شروط صحة رجوع الأب فيما وهبه لولده

        تقدم أن الأب له أن يرجع في هبته لولده، وقد اشترط العلماء لذلك شروطا كثيرة يعبر عنها بعضهم بموانع الرجوع، وهذه الشروط كما يلي:

        الشرط الأول: أن تكون الهبة باقية في ملك الولد، فإن انتقلت من ملك الولد لم يملك الوالد الرجوع.

        وفيه مسائل:

        المسألة الأولى: حكم الرجوع فيما انتقل من ملك الولد.

        صورة ذلك: أن يهب شخص لولده سيارة مثلا، أو دارا، ثم يتصرف في تلك الدار أو السيارة ببيع أو هبة، أو نحو ذلك مما هو مخرج للموهوب عن ملكه، فهل يمنع الوالد من الرجوع على ولده؟ اتفق الأئمة الأربعة: على أن خروج الموهوب عن ملك الولد بالكلية يفيت على والده الرجوع فيه، وقد حكي ذلك اتفاقا في البيع، والعتق، كأن يبيع الولد الموهوب كله أو يهبه أو يوقفه أو يتصدق به، ونحو ذلك. [ ص: 122 ]

        وأما خروج بعضه عن ملكه فلا يمنع الأب من الرجوع، إلا في القدر الذي خرج عن ملكه.

        والدليل على فوات الرجوع على الأب فيما وهب لابنه بإخراج الابن للموهوب من ملكه بما يلي:

        1- أن تبدل ملك العين كتبدل عينها، وإذا تبدلت عينها لا يصح الرجوع فيها، فكذلك إذا تبدل ملكها.

        2- أن الموهوب له الولد إنما أخرج الموهوب من ملكه بتسليط الأب له عليه بالهبة، فلم يكن للأب الرجوع فيها كما لو تصرف الوكيل بناء على توكيل الموكل.

        3- أن رجوعه رجوع على من لم يجعل له النبي -صلى الله عليه وسلم- الرجوع عليه.

        4- أن الولد إذا باع الموهوب أو وهبه، فقد أخرجه من ملكه إلى ملك شخص آخر، فلو قلنا بصحة رجوع الأب في الموهوب بعد خروجه من ملك ولده لأدى ذلك إلى إخراج ملك من مالكه بلا إعطاء منه ولا معاوضة، وهو أمر لا يصح; لأنه في حكم الغصب.

        التالي السابق


        الخدمات العلمية